شاهدت من يقطع إشارة المرور في شارع رئيسي بجدة فقلت أين "ساهر"، وعلى طريق الحرمين تشاهد من يسير على كتف الطريق مما قد يسبب حوادث، ومن "يساقط" بسيارته، ولابد أن تسأل أين "ساهر" . وهناك من يقفز هذا الرصيف أو ذاك عند الزحمة، وهناك من يقف على الرصيف، ومن يقف في يمين الشارع المفتوح نظاما للمتجه إلى اليمين ولا حس ولا خبر لا لـ "ساهر"، ولا لرجل المرور، هناك مخالفات مرورية كثيرة لا يضبطها "ساهر"، "ساهر" الرعب متخصص فيما يبدو في مراقبة تجاوزات السرعة، وتلك مهمة جليلة، لكن هل كاميراته مضبوطة لضبط متجاوزي السرعة فقط، وترك بقية المخالفين، هل كل مخالفة تتطلب "كاميرا" خاصة، سيما وأن رجال المرور أصبح وجودهم نادرا في الشوارع، يبدو أنهم ظنوا أن هيبة "ساهر" تغني عنهم.

لا أتفق مع عضو الشورى الدكتور طلال بكري في مطالبته بإيقاف "ساهر"، ولا أجد في الحجة التي أوردها لإيقافه أي وجاهة، بل إنني أظنه ليس جادا في المطالبة بإيقافه، لكنه أراد أن يشير إلى محدودية دوره فقرر أن يصدمنا بالمطالبة بإيقافه، وكأنه يقول طوروه أو أوقفوه، إنني أتفق مع الدكتور بكري في موضوع "البنية التحتية" التي ذكر منها اللوحات الإرشادية، وأضيف لها حال الشوارع من الناحية الهندسية والحفر التي تخلخل أجساد السيارات وتعطبها، طالما هناك عقوبات على مخالفات السير، لابد من تعويضات على الأضرار التي يسببها تقصير البلديات وسوء تنفيذها، هذا هو الحق الذي يؤيده العقل والمنطق، ولكن!

وسأوضح بعد قليل لماذا لكن.

لا أطالب ولا أؤيد أي مطالبة بإيقاف "ساهر" تحت أي ذريعة مهما كانت، لكنني أدعو إلى شموليته لكل المخالفات، وإلى تلافي أخطائه سريعا، وإلى عدم غياب رجال المرور عن تقاطعات الشوارع ومواقع الزحام، وما أكثرها، أما المطالبة بالبنية التحتية الخاصة بالشوارع التي ختمتها بـ "لكن" فإننا لو أوقفنا "ساهر" في انتظار اكتمالها، فإن نصف الشعب سيفنى من حوادث المرور قبل أن تقتنع وزارة البلديات أن السفلتة المؤقتة هدر صريح لأموال الدولة، وعذاب للناس، وأي عذاب، ولأن أرواح الناس أغلى من أرواح سياراتهم، ودفعا لأكبر المصيبتين، فليستمر نظام "ساهر"، ولنستمر في المطالبة بتطويره وشموليته، وفي المطالبة باستكمال البنية التحتية في شوارعنا، وهي مطالبة عريقة متجددة، لو قرأت الصحف قبل أربعين أو خمسين سنة لوجدتها تطالب بهذه البنية التي لم تكتمل حتى الآن، ولكن هذا يجب أن لا يحملنا على غمط الإيجابيات، (ساهر) من الإيجابيات التي تستحق التشجيع والدعم.