دائما تركز التصريحات الاقتصادية للمملكة على أهمية تنويع القاعدة الاقتصادية. ويمكن الوصول إلى هذا الهدف من خلال تعزيز أداء القطاع الخاص ورفع نسبة مشاركته في الاقتصاد المحلي والدفع بالاستثمارات الحكومية إلى مجالات جديدة بعيدة عن النفط.

أما المشكلة الحقيقية التي تعيق تحقيق هذا الهدف فهي أن وتيرة العمل شديدة البطء ومنعدمة التنسيق. وبالنسبة للاستثمارات الحكومية، فقد بدأ العمل بتأسيس قاعدة للبحث العلمي تقوم بعمليات الاختراع والتطوير وصولاً إلى العمل التجاري.

ولكن حتى اليوم، لم يصل نتاج هذه القاعدة لدرجة الاختراق الكامل للتكنولوجيا المتوفرة، وهي بحاجة إلى وقت طويل لتتمكن من الوصول إلى هذه الدرجة من الاحترافية.

وكان أحد البدائل المتاحة يتمثل في استثمار جزء من الاحتياطيات النفطية المتراكمة بهدف نقل التقنية المتطورة المتوفرة في الدول المتقدمة وتطويرها في بلادنا.

فقد أتيحت لنا فرصة شراء حصص كبيرة في شركات صناعة السيارات على مستوى العالم بأبخس الأسعار خلال الأزمة المالية العالمية. وقد استغلت هذه الفرصة دول مجاورة مثل قطر والكويت، حيث أصبحتا تمتلكان حصصاً مباشرة في شركات مثل فولكسفاجن وجنرال موتورز.

ولكن الفائدة المرجوة من مثل هذه الاستثمارات محدودة بالطبيعة الاستثمارية فقط، وسبب ذلك هو عدم توفر الموارد اللازمة أو حجم السوق الكافي لتوطين صناعة بهذا الحجم.

اليوم، تتاح لنا فرصة جديدة في صناعة تحويل الطاقة الشمسية إلى كهربائية، وأتمنى ألا تضيع.

فهذه الصناعة تعمل على التكامل مع عدة مجالات اقتصادية ومواد أولية متوفرة وغير مستغلة بالشكل الأمثل. فقد تمكنت الصناعة على مر الزمن من تحسين كفاءة تحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، وصولا إلى نسبة تفوق 15%. ولكن الاختراق الأهم هو دخول الصناعة في مرحلة تخفيض التكاليف. وعلى الرغم من التقدم الملموس في المردود الاقتصادي، إلا أن الصناعة ما زالت بحاجة إلى تمويل ضخم يأتي في معظمه من الدعم الحكومي. هذه الدول المثقلة بالدين العام تفكر في تقليص نفقاتها وبالأخص في مجال البحث العلمي، ولذلك فلابد أنها سترحب بأي مشاركة تخفض من نفقاتها. إن توطين هذه الصناعة يفيدنا في استغلال المساحات الشاسعة وأطنان من رمال السيليكون، بالإضافة إلى أنه سيساعدنا على تقليص استهلاكنا من النفط والغاز في إنتاج الكهرباء لصالح صادراتنا الخام وصناعتنا البتروكيماوية. وسيساعدنا أيضا في تطوير التقنيات العاملة في جامعاتنا، سواء كانت آلية أم بشرية.

مثل هذه الفرص لن ينعدم، ولكن تأخرنا في استغلالها سيبقي اقتصادنا أسيراً للنفط.