لم تكن المرأة غائبة عن تدريس الشريعة أو الإفتاء أو الاهتمام بالحديث. نذكر زوجة النبي عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها والتي كانت مهتمة بالفقه والتفسير وكانت مرجعاً فقهياً ودينياً. ذات الشيء ينطبق على منجية السوايحي وهي متخصصة في الدراسات الإسلامية، وأستاذة التفسير وعلوم القرآن، في جامعة الزيتونة في تونس. تقول منجية: "بحثتُ في القرآن الكريم فلم أجد آية قرآنية تجعل المرأة دون الرجل".

معتبرةً المرأة مساوية للرجل في الشريعة الإسلامية، وهي تحاول أن تطرح فهماً جديداً لعلاقة الرجل بالمرأة، بل وللموقف الديني من درجة المرأة نسبةً إلى الرجل.

تعتبر الإرث الديني في بعض جوانبه سبباً لكل تمييز: "ويحتوي على بعض أنواع التمييز ضدّ المرأة، المرأة عاجزة، ومجلبة للعار، وبلية من عند الآلهة، وشؤم على الأسرة وما إلى ذلك من النّعوت التي يعجّ بها الفكر الدّيني والثقافة الرّجعية، وقد أحدثت خللا مفزعا في العلاقة بين الجنسين إذ حدّدتها وفق نظرة الجنوسة، نظرة ينعدم فيها تكافؤ الفرص، والمساواة، فلا تكافؤ في فرص التعليم، ولا في الرّعاية، ولا في فرص العمل إلا في بعض الدّول الّتي كفلت قوانينها نفس الفرص للبنت والولد في التعليم، وفي العمل من حيث الانتدابات والترقيات والأجر، وكذلك في الرّعاية الصحية وفي غيرها من الحقوق الّتي يشترك فيها الرّجال والنّساء ممّا يؤكّد أن تجاوز الموروث الثقافي ... الّذي يرسخ للتمييز ضدّ النّساء".

هذا الفكر الاحتجاجي الذي ينازل الموروثات والتقاليد القديمة جزء من فكر وطرح واهتمام الأستاذة والأكاديمية منجية السوايحي. هذه "الشيخة" التي لا تضع الحجاب على رأسها، بل تعتبر كلمة "الحجاب" لم تأت في القرآن بمعنى اللباس.

قلتُ: يكفي أن الأستاذة تطرح أفكاراً مختلفة، وبعضها ليست آراء بدعية بل سبقت إليها من خلال آراء الفقهاء الذين يشتركون معها في رؤاها حول الحجاب والمرأة.

تختلف أو تتفق معها، لكنك لا تملك إلا أن تسرّ من تحريكها للمياه الراكدة في ما تطرحه من أسئلة وما تكتبه من أبحاث. وكم نحن بحاجة إلى من يحرك الماء قبل أن يكون آسناً!