اللائحة الجديدة للنشر الإلكتروني التي أعلنت عنها وزارة الثقافة والإعلام مطلع العام الجديد يمكن أن يؤخذ منها التحول الكبير الذي جد على المجتمع السعودي نحو عالم الإنترنت والإعلام الجديد وكان لا بد من وجود آلية للاستفادة من هذا العالم.
وزارة الثقافة والإعلام منذ فترة ليست بالقصيرة وهي تعد بهذه اللائحة التي سوف يكون أثرها إيجابيا على أصحاب المواقع، لكن بعد صدور اللائحة أصيب الكثير بخيبة أمل من بنودها التي جاءت من خلال صياغتها كرقيب يرفع يده بالقص والمنع والحجب والإغلاق لكل من لا يمتثل لهذه اللائحة، والحقيقة أن الإعلام الإلكتروني لا يمكن السيطرة عليه بهذه الطريقة ولا حتى تنظيمه!
لدي ولدى الكثير من الزملاء المنشغلين بهذا النوع من الإعلام شكوك حول جدوى هذه اللائحة، وكنت قد سعدت بحضور اللقاء الذي أقامه النادي الأدبي مشكورا حول لائحة النشر الجديدة مع الأستاذ عبدالرحمن الهزاع وكيل الوزارة المساعد والمتحدث الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام، والذي كان بمثابة محاولة فهم للغرض من هذه اللائحة، وقد خرجت من اللقاء بانطباع أن هذه اللائحة صيغت بطريقة سريعة ففيها من الإجحاف الكثير من خلال الصيغة التنظيمية للصحف الإلكترونية وضبابية عالية في تفسير بعض المواد!
ولعلي أطرح بعض الاستفسارات عن هذه اللائحة بحكم انشغالي في هذا المجال من خلال صحيفة أنباؤكم الإلكترونية ومركز الدين والسياسة للدراسات:
ففي البداية تقول اللائحة في شروط الترخيص في المادة الأولى: أن يكون سعودياً وهو اشتراط غير مستساغ في عالم فضاء الإنترنت الذي يتيح للجميع بدون استثناء ممارسة حرياتهم في النشر الإلكتروني بمسؤولية، فالنشر الإلكتروني ليس استثمارا محليا بل استثمار في عالم افتراضي فلماذا منع غير السعوديين الذين لديهم المسؤولية والهواية من ممارسة هذا العمل؟
الثاني: تقول اللائحة في الترخيص في المادة الرابعة: أن يكون حاصلاً على ترخيص إعلامي يتوافق مع نشاط النشر الإلكتروني الذي يرغب مزاولته، وهذا يعني الدخول في بيروقراطية وزارة الإعلام التي يعرف الكثير أن الحصول على ترخيص منها يستغرق عدة أشهر وهذا يتعارض مع سرعة خدمات الإنترنت.
الثالث: وتقول اللائحة في ذات السياق وفي المادة ثامنا: أن يكون للصحف الإلكترونية رئيس تحرير توافق عليه الوزارة، وهنا لا اعتراض على الجزء الأول وهو وجود رئيس تحرير لكن الاعتراض شرط موافقة الوزارة عليه وكأنها هي من تدفع له الراتب أو تقدم له أي دعم أو حتى إنه تابع لهذه الوزارة وإذا كانت هناك اعتراضات على تعيين رئيس التحرير للصحف الورقية من قبل الوزارة وشرط موافقتها فماذا نقول للعالم بأن أي صحيفة إلكترونية في السعودية يجب أن توافق وزارة الثقافة والإعلام على رئيس تحريرها! وهو شيء غريب لأنه إضافة عبء على وزارة الثقافة والإعلام وكان بالإمكان الاستعاضة عن هذه المادة بتسمية رئيس تحرير يكون مسؤولا أمام الوزارة في حال مخالفة الصحيفة لقواعد النشر.
رابعاً: في المادة السابعة عشرة: الجزاءات وجاء فيها ست مواد ثلاث منها بدأت بلفظ (حجب)، وهو جزاء لا يتوافق مع حرية النشر العالمية بدون تحديد مواد محددة للحجب بمعنى أنه يمكن أن يحجب موقعك لأي مخالفة بحسب اللائحة! وبذلك سوف يكون على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية استحداث دائرة جديدة لمنع الصحف والمواقع الإلكترونية مستقبلا.
الاستطراد في استعراض الاستفسارات على هذه المواد يطول لذلك أتمنى من الوزارة ومن وزيرها الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي عودنا على الاستماع بشكل جيد للنقد الهادف أن تتم مراجعة بعض المواد بالتشاور مع أصحاب المواقع المعنية للخروج بآلية تحفظ للجميع حقوقهم ولا تسيء لسمعة بلادنا في الخارج لا سيما وأن مثل هذه اللائحة لم تسبقنا إليها دول بحجم المملكة العربية السعودية.