قال الروائي العراقي نجم والي: إن المهمشين هم أساس كل مجتمع وهم مقياس النجاح لأي ديمقراطية. وأوضح والي المقيم في المنفى الألماني منذ ثلاثة عقود خلال محاضرته التي أدارها الدكتور مبارك الخالدي ونظمها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء أول من أمس: أن علاقته مع المهمشين التي بدت واضحة في روايته "الحرب في حي الطرب" جاءت نتيجة ارتباط الكتاب والفنانين والأدباء بهذه الشريحة المهمشة، مؤكدا حقيقة الحياة التي يعيشها أدباء العرب من تهميش وتعاسة، مشيرا الى انتمائه للمهمشين الذين يعيشون في القاع جاعلا قلمه الروائي بمثابة الصوت الإنساني والصادق لهم حسب قوله.


ولم يفوت والي الفرصة للحديث عن بلده الأصلي العراق كاشفا عن هروبه منه بعد ستة أيام من نشوب الحرب العراقية الإيرانية 1980 بغرض الخلاص من الخدمة العسكرية، ليستقر في ألمانيا.


وتناول والي تجربته مع الرواية والأدب الإلماني والعلاقة الفاصلة بينهما قائلا: إن تجربته مع الأدب الألماني بدأت من لحظة هروبه وأن المسيرة الفعلية في القراءة لهذا الأدب الذي كان مولعا به أيام صباه حيث كان يقرأه في العراق مترجما، جاءت بعد استقراره هناك، حيث اهتم بدراسة هذا الأدب، ذاكرا عدة أسماء قال إنه تأثر بها تأثرا بالغا كريماك في روايته "كل شيء هادئ في الميدان الغربي" وللحب وقت وللحرب وقت.


كما تطرق والي الذي يزور عدة مدن سعودية هذه الأيام بتنسيق من وزارة الخارجية الألمانية ضمن مشروعها الكبير للتواصل الثقافي والحضاري مع العالم العربي، إلى ما سماه العديد من القيم الروائية التي يجب أن تتجه نحو الأذهان قبل التفكير بالكتابة ومنها كيفية رصد الواقع بخيال واسع وتنوع جميل كذلك كيف يمكن أن نحول تسارع الكيان الواسع وتعقيده اليومي إلى روايات ملحمية واقعية حتى لا تنتهي الأمكنة، وأطلق على نفسه "أنا ذاكرة الأماكن في حرب ضد النسيان".


وانتقد والي الأعمدة الصحفية العربية واصفا إياها بالجافة والانشائية والمكرورة، في معرض حديثه عن تجربته مع اللغة الإسبانية حيث قال إن علاقته مع الأدب الإسباني تجذرت منذ وقت مبكر وتعمقت بهذا الأدب بعد مرحلة التحول الديمقراطي، مشيدا بمستوى الكتابة المقالية في الصحـف الإسبانية التي تعتمد على الفكاهة اللاذعة والمرتبطة بالحياة مباشرة بخلاف الأعمدة الصحفية العربية.


ولم يخل اللقاء من استعراض والي عددا من رواياته التي استلهم فيها - على حد قوله - تلك الخطى والأدوات السردية الناضحة بلغة سهلة تمزج بين الفصحى والعامية وتعتمد على الحكي ومنها "الحرب في حي الطرب" "وتل اللحم" ، موضحا: اللغة المستخدمة في هاتين الروايتين لغة وسيطة بين العامية والفصيح تصل لحد العفوية التي تعطيك الصورة الحقيقة للجندي والإنسان والسائق الذي تستشف مباشرة كقارئ المستوى الاجتماعي والحد الفكري والطبقي له. وحول علاقته كتابيا بالعراق قال والي إن مشروعه القادم تراجيديا أسماها "تاريخ الجحيم العراقي".