الذوق والإيتيكيت والتعامل الراقي مع الناس هي صفات جميلة وسجايا راقية يتعامل بها الأشخاص الناجحون في علاقاتهم في المجتمع، ولا شك أن مراعاة مشاعر الناس والمجاملة -بشكلها الإيجابي- جزء لا يتجزأ من هذه الخصال الجميلة، وصفات رائعة يتعامل بها الناس الإيجابيون الذين يسعون لنشر البسمة والسعادة فيمن حولهم، وبثّ الروح الإيجابية والتفاؤل في محيطهم، مما يعطيهم جاذبية خاصة تجعل الناس تتوق للقائهم ومصاحبتهم والجلوس معهم، وهذا السلوك الجميل هو سنّة نبوية قام بها هادي البشرية الرسول الأعظم محمّد، صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فكان -عليه الصلاة والسلام- إذا شاهد أحد الأخطاء لدى بعض الناس دائما يستخدم أسلوب (فما بال أقوامٍ)، فيقوم المخطئ بفهم الرسالة وتصحيح خطأه، فلم يكن يوجّه النقد مباشرة ويُحرج المخطئ.

وفي الجانب المقابل هناك بعض الناس في المجتمع، وهم -ولله الحمد- قلّة، ممن يفتخرون بوصف أنفسهم بأنهم لا يجاملون أحدا، وبقولهم «اللي في قلبي على لساني»، فيقوم بتوجيه النقد اللاذع والكلام السلبي ويسبب الإحباط لجميع من هم في محيطه، سواء أصدقائه أو زملائه في العمل أو أفراد أسرته، ضاربا بالذوق والإيتيكيت عرض الحائط، فتارة يقول لصديقه بكل جرأة «لماذا زاد وزنك وأصبحت تعاني من السمنة المفرطة؟»، وتارة يقول لزميله في العمل «لماذا غزا الشيب رأسك وأُصبت بالهزال؟»، وتارة يقول لقريبه الذي لم يُرزق بالذرية «إلى الآن ليس لديك أطفال؟»، ومرة يقول لأحدهم «لماذا لا تغير سيارتك القديمة فقد أصبح شكلها مقززاً؟»، وغيرها من الأسئلة التي تجرح المشاعر وتسبب الحرَج الشديد لأصحابها. لا أحد يعلم ظروف كل شخص إلا الله سبحانه، وقد نرى البعض مبتسما ولكن في مكنون صدره هموم تعادل مكاييل الجبال، وقد يكون بعضهم غير ملتفت ناسيا أو متناسيا بعض الأمور التي تنقصه أو تؤثر سلبا على حياته، فنقوم بتذكيره بها بكلامنا هذا وفتح آلامه من جديد، فلا يجب أن نزيدهم همّاً على همّ بهذا الأسلوب الفظّ والمُحرج والمُسبّب للنفور والقطيعة، بل لا بد من مراعاة مشاعرهم ونشر البسمة والتفاؤل لديهم، وعدم الخوض في الأمور الخاصة لكل الناس، دع الخلق للخالق، وقد قال سبحانه وتعالى (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).