أول القضايا أو على الأصح قضية القضايا هي القاعدة، التي أنجبت مئات الأبناء، وأصبحت تلد كل أسبوع مولودا جديدا مشوها ينشغل به العالم، وللعام العاشر على التوالي منذ حدثها الكبير في ولادتها القيصرية المجلجلة في سبتمبر عام 2001 وهي الشغل الشاغل لجميع من في هذا الكون وقد ظل أبناؤها وبناتها الجدد في ولادتها المستمرة يتغيرون في أشباههم وألوانهم حتى أصبحوا لا ينتمون لها إلا بالنسب على الرغم من أن سيدها الكبير أو على الأصح سادتها الكبار قد عُمّروا في حالة لافتة جدا لدرجة أن عزرائيل (أميركا) عجزت عن قبض أرواحهم.
وثاني تلك القضايا قضية العراق التي فجرتها أميركا ثم كادت تموت تحت أنقاضها، وهي الآن تصارع للخروج من تحت الأنقاض في الرمق الأخير، تكتب الفصل الأخير من فصول حماقاتها، فإذا كانت قد أنهت خطر صدام على إسرائيل المشكوك فيه فإنها بما فعلت سلمت الجمل بما حمل لخصمها الإيراني.
وثالث تلك القضايا الحرب الأفغانية التي مر عليها الآن عشرات السنين وانتقلت من المتعهد الروسي إلى المتعهد الأميركي والأوروبي، وتحولت فيها الباكستان من النقيض إلى النقيض، وأنجبت إمبراطوريات وأمراء الحروب، وظلت فيها طالبان هي النجم الساطع الذي استمر نوره في الازدياد على حساب الأنوار الروسية والأميركية والأوروبية التي تحول بعضها إلى رماد وما زال البعض الآخر يخبو في طريقه إلى المصير نفسه.
ورابع تلك القضايا السلاح النووي الإيراني الذي استمر يشغل العالم عام 2010 كما كان الأمر في الأعوام السابقة. ومن الواضح على الرغم من كل الخناجر التي تغرس في بدنه وهو يسير أنه ماضٍ في الانطلاق نحو الهدف، يشق طريقه بدمائه النازفة في تصميم كبير للوصول نحو النهاية.
وخامس تلك القضايا حزب الله الذي واصل في عام 2010 إشغال العالم كما فعل في الأعوام السابقة منذ نجح في إجبار إسرائيل على الهرب من الجنوب اللبناني تحت جنح الظلام، وهو الآن يشغل العالم أحيانا بصراع مع إسرائيل، وأحيانا بصراع مع الداخل اللبناني، وأحيانا بصراع مع بعض الدول الكبرى، أو بعض الدول الإقليمية، وأحيانا مع المحكمة الدولية، يفعل ذلك حينا بلغة السلاح، وحينا بلغة زعيمه الشاطر في فن الخطابة حسن نصر الله.
وسادس تلك القضايا محكمة قتلة رفيق الحريري وبعض زعماء 14 آذار الدولية، فهذه المحكمة لم تشغل الداخل اللبناني فحسب بل أشغلت الدول الكبرى والصغرى أيضا، وأشغلت وسائل الإعلام، ونجوم السياسة والفن، وهي الآن مثل البركان الذي يسمع هديره تحت الأرض، وكل من حوله في منطقته والمناطق المحيطة يستعدون لإجراء (تسويات) للأرض لمواجهة الكارثة المحتملة أو على الأحرى المؤكدة، فليس هناك أسوأ من أن يتضح أن كتلة دينية كبرى تآمرت على الكتلة الدينية الكبرى الأخرى في البلد وقتلت زعيمها.
وسابع تلك القضايا المشكلة الصومالية التي تطورت كتطور الغرغرينا التي أماتت صاحبها، وبالفعل الصومال قد مات و (شبع موت) وما عصابات القراصنة التي جعلت منه ملاذا إلا مجموعة من الديدان التي تتوالد وتعتاش على جثث الموتى.
وثامن تلك القضايا، قضية الحوثيين في اليمن التي أشعلت مع القوات اليمنية الحرب تلو الحرب، وكانت حربها السادسة نارا امتد وهجها للمناطق المجاورة، وما زالت مع غيرها من الحركات والمشاكل التي تنشط في اليمن تهدد الوحدة اليمنية وتنذر بتحول اليمن إلى صومال جديدة.
وتاسع تلك القضايا القضية السودانية بكل أبعادها وأطرافها، ابتداء بمشكلة دارفور ومرورا بمحاكمة الرئيس البشير، وانتهاء بمشكلة الجنوب والاستفتاء على بقائه أو انفصاله، والصراع على تبعية البترول، ودخول الزعيم الترابي السجن وخروجه منه، والغناء المستمر للصادق المهدي والميرغني طلبا لبعض السلطة أمام البشير الذي لا يعطي أحدا فرصة المشاركة خاصة بعد تهديده من المحكمة الدولية فقد أصبح يطبق مقولة (ولو على جثتي) بحق وحقيق.
وبقيت القضية العاشرة.. ولكن أتدرون ما هي تلك القضية التي تأتي في آخر سلم قضايا الأمة الإسلامية التي أشغلت بها العالم في عام 2010..؟؟ إنها ويا للعجب قضيتهم الأم فلسطين التي أنجبت أغلب تلك القضايا، ولكن كالعادة مارس المسلمون عقوق الوالدين، فانشغل الأبناء بأنفسهم وما يخصهم ونسوا أو تناسوا أمهم وأباهم، وأوشكوا على أن ينقلوهما إلى دار العجزة.