اليوم الوطني مناسبة عزيزة تتكرر كل عام، نتابع خلالها مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كل المجالات، حتى غدت المملكة -وفي زمن قياسي- في مصاف الدول المتقدمة، بل تتميز على كثير من الدول بقيمها الدينية وتراثها وحمايتها للعقيدة الإسلامية، وتبنيها الإسلام منهجا وأسلوب حياة، حتى أصبحت ملاذا للمسلمين، وأولت الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين جلّ اهتمامها، وبذلت كل غال في إعمارهما وتوسعتهما، بشكل أراح الحجاج والمعتمرين من شتى بقاع العالم.
ولقد دأبت حكومتنا الرشيدة -منذ إنشائها- على نشر العلم، وتعليم أبناء الأمة، والاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة، وعنايتها بتشجيع البحث العلمي، وصيانة التراث الإسلامي والعربي، وإسهامها في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية، وشيدت لذلك المدارس والمعاهد والجامعات ودور العلم.
فقد حققت المملكة العربية السعودية سبقا في كل المجالات، سواء الأمنية في مكافحة الإرهاب أو المجالات التنموية الأخرى، وأخص منها المجال النفطي، وتنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد مستقبلا على النفط.
إنّ توحيد هذه البلاد على يد قائدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- له تجربة مميزة للمجتمع الدولي، وأحد النماذج الناجحة في تاريخ الأمم، وإبراز ذلك النهج الذي تبنته المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الإسلام الحنيف، وكذلك في علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا، واحترام مبادئ حقوق الإنسان في أسمى معانيها، كان آخرها قبل أيام، وهي ترعى اتفاقيات السلام بين عدد من الدول التي دامت بينها الحروب والقطيعة عدة سنوات.
وخلال هذا اليوم، فرصة ثمينة أن نغرس في نفوس النشء معاني الوفاء لأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة، فيشعروا بالفخر والعزة، ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد، منذ أن أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ونعمّق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه الأمة، حتى يستمر عطاء ذلك الغرس المبارك.
فقد صاحب هذا العام استمرار الدعم الذي تلقاه المرأة، لتمكنها من أداء دورها وتحقيق رسالتها، فكان هذا العام عام المرأة السعودية، والذي شهد قيادة المرأة، وتنصيب المرأة في المناصب القيادية، وتستمر حكومتنا الرشيدة في تقديم التسهيلات والحقوق التي تستحقها نساء المملكة، فهنّ لا ينقصن في شيء عن نساء العالم.
وفّق الله الجميع في رسم تلك الصورة المشرقة لما يزيد على قرن من الزمان، خرجت فيه الجزيرة من أمم جاهلة متناحرة، إلى أمة موحدة قوية في إيمانها وعقيدتها، غنية برجالها وعطائها وإسهامها الحضاري.