نرى العالم من حولنا يتضامن مع القضية الفلسطينية، إلا أن أصحاب القضية مختلفون.
فها هو الرئيس محمود عباس يعود من البرازيل، منتشيا لأنه حقق خرقا دبلوماسيا كبيرا في أميركا اللاتينية، عبر اعترافات بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، ووعود باعترافات لاحقة.
وخلافات أهل القضية، وبدون أن يشعروا، ربما، تهدم كل ما بني عالميا والعودة إلى المربع الأول عندما كان النضال الفلسطيني محرما، في العلن، ومحصورا في الأدغال والجبال لمن يمتشق البندقية ويرتدي الثياب المرقطة.
كل القيادات الفلسطينية مرت بهذه التجربة، ومن بينهم الرئيس محمود عباس ورفيق دربه الشهيد الراحل ياسر عرفات، فاروق القدومي"أبو اللطف" الذي كان صوت المقاومة في مراحلها الأولى، ووزير خارجيتها عندما بدأت تتلمس الطرق الدبلوماسية.
أبو اللطف وأبومازن التقيا في تونس، وقبل ذلك في عمان، وحتى اللحظة كان اللقاءان بروتوكوليين، وكل ما نتمناه أن يخرج اللقاء من اللياقات إلى الحنين لأيام مضت، عندما كان العمل السياسي الفلسطيني جريمة يحاسب عليه قانون البلد الذي ينطلق منه. فجميع القيادات الفلسطينية في مراحل عملها الأول كانوا عرضة للملاحقة في أماكن تواجدهم وللتصفية من قبل العدو الصهيوني، كما كان مصير الثلاثي كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار في شارع فردان في بيروت في 10 أبريل 1973.
أثلج قلوب الفلسطينيين والحريصين على العمل الفلسطيني النظيف، استقبال أبواللطف لأبومازن في تونس، وتمنياتنا أن يُعمد هذا اللقاء بلقاء الأفكار بين الشخصين، وليقنع أحدهما الآخر بوجهة نظره...وهذا أضعف الإيمان.