قال الدكتور سعد البازعي إن هناك تسطيحا وانتهاكا للثقافة ليس فقط في الفضائيات ولكن أيضاً في الإذاعات، منتقدا وسائل الإعلام بأنها لا تحاول أن ترتقي بذائقة مشاهديها ومستمعيها، ولا يهمها ذلك، وأنها تنجر خلف ذائقة شعبية غير مثقفة.
وكانت إثنينية عبدالمقصود خوجة احتفت بأستاذ الأدب الإنجليزي عضو مجلس الشورى رئيس نادي الرياض الأدبي الناقد المعروف الدكتور سعد البازعي حيث قدم مطالعة أدبية رفيعة تحدث فيها عن معضلة كتابة السيرة الذاتية، معتبراً أن ما يقدم عادة على أنه سيرة ذاتية هو جانب من سيرة الإنسان وليس كلها، أو حتى أهمها، ومع أننا نسميها سيرة ذاتية فإنها في الحقيقة نقيض ذلك تماما، فالموضوعية هي التموضع خارج الذات، هي نسيان الذات تماماً، أما السيرة الذاتية التي نكتبها للوظيفة فهي الموضوعية متجلية كأوضح ما يكون شاخصة كمخطط آلي كهيكل خال من الروح، كحياة بلا حياة، وتساءل البازعي: كيف أقدم نفسي إذن؟ ثم استعرض بعض محطات حياته بدءاً من ولادته في القريات، وانتمائه الطفولي إلى القصيم ووعيه الثقافي في الرياض.
وكان عبدالمقصود خوجة قد وصف البازعي بأنه ناقد فذ ساهم في التطور الحضاري في المملكة عبر إقامته صلات ثقافية وأدبية مع الآداب الغربية، وأضاف خوجة أن تكريم الدكتور البازعي هو تكريم لفكر ناضج وقلم صادق وعقل ثاقب أدى رسالته المتعددة المسارات بمنهجية في أكثر من مضمار، فكان تربوياً وأكاديمياً وكاتباً للنادي الأدبي بالرياض وعضواً في مجلس الشورى. وبعد أن أنهى البازعي مطالعته فتح باب الحوار معه من قبل الرجال والنساء اللاتي بلغ عددهن 25 امرأة واعتبرها عبدالمقصود خوجة فاتحة خير وتغيير، حيث شاركت ثلاث منهن من خلال منصة منفصلة في طرح الأسئلة على الدكتور البازعي.
وفي ردوده قال البازعي إن الأسئلة جميعها تطرح قضايا كبيرة، فحين تطرح الدكتورة لمياء باعشن قضية الهوية، يمكن القول إن جميع المثقفين العرب عاشوا هذه الحالة من القلق على الهوية، وكثيرون فقدوا الاتصال بهويتهم، ولكن التمسك بالهوية لا يعني أن الهوية أصبحت جامدة، ولكنها تبقى قلقة ومتحركة، ويذهب الدكتور يوسف العارف إلى أن كتاب "ثقافة الصحراء" هو كتاب تجميعي، فأقول إنه ليس كل تجميع يمكن أن يؤلف كتابا فثقافة الصحراء هو جماع دراسة استمرت أربع سنوات للشعر السعودي الحديث، أما سؤال العولمة الذي طرحته صباح مبارك فإن العالم كله يعاني من العولمة ففي فرنسا مثلاً هناك تذمر من العولمة الأمريكية، ومع ذلك يجب أن نذكر أن في العولمة رغم مساوئها جوانب إيجابية، وقد طرح سؤال عن اهتمامي بالمرأة، وأنا أعترف أنني لم أقدم الكثير عن المرأة، ومع ذلك كتبت عن شاعرات وأديبات سعوديات مهمات، وألقيت محاضرات، ومع ذلك أعتبر أن ما قدمته قليل، أما موضوع الترجمة الذي طرحه الدكتور سعيد الغامدي، فأقول إن الترجمة مهمة للغاية، والكثيرين ندموا على ترجماتهم، لكن ليس كل الترجمات سيئة، ونحن مضطرون إلى الترجمة لأن الكثيرين لا يستطيعون القراءة بلغة أخرى، وتابع: مريم الصبان طرحت قضية الهوية، وهذه المسألة تتعلق بالتربية فهي لها علاقة بالبيت والمدرسة والمجتمع وهي قضية كبيرة تعنينا جميعاً، ورداً على سؤال الحميد الثقفي حول انتهاك القنوات الفضائية وتسطيحها لثقافتنا قال الدكتور البازعي أنا أتفق معك بأن هناك تسطيحا وانتهاكا للثقافة ليس فقط في الفضائيات ولكن أيضاً في الإذاعات، ولكن هذه الظاهرة مرتبطة بمسألة الربح فالقطاع الذي يستثمر في الإعلام يريد أيضاً أن يربح ولا يمكن الطلب منه أن يقدم تضحيات، يبقى بعد هل تحاول وسائل الإعلام هذه أن ترتقي بذائقة مشاهديها ومستمعيها، هي لا تفعل ذلك، ولا يهمها ذلك وتنجر خلف ذائقة شعبية غير مثقفة.