أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية بلا دين أو جنس أو لغة معينة، عانى منه الجميع واكتوت بناره الشعوب بلا هوادة. تاريخيا كان الإرهاب موجودا بجميع العصور، بأشكال مختلفة ولكن الغالب عليها كان التمييز العرقي والديني، ومن أكبر الأمثلة بالتاريخ المجازر التي طالت المسلمين بالبوسنة والهرسك في حقبة التسعينات التي أودت بحياة 300 ألف مسلم.
انجرف الإعلام الغربي والعالمي بعد أحداث 11 سبتمبر نحو إلصاق تهمة الإرهاب بكل ما هو إسلامي، رغم الحوادث الشهيرة التي قادها المتطرفون المسيحيون على مدى عقود... ومنها ما حدث قبل سنوات ويسمى بمجزرة أوسلو التي راح ضحيتها 77 نرويجيا على يد متطرف مسيحي، وفي تقرير عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي عن ضحايا الإرهاب بالأراضي الأميركية بين عامي 1980 و2005 تم نشره بموقع دايلي بيست الأميركي: أن 94% من الهجمات الإرهابية ارتُكبت على يد غير المسلمين، وفي الواقع تم تنفيذ 42% من الهجمات الإرهابية من قِبَل المجموعات ذات الصلة باللاتينيين، و24% منها ارتكبتها الجهات اليسارية المتطرفة.
ووجدت دراسة لجامعة ولاية كارولينا الشمالية في عام 2014، أنه، ومنذ هجمات 9/11 لم يؤدِ الإرهاب المرتبط بالمسلمين إلا لمقتل 37 من الأميركيين، في حين أن 190 ألف أميركي قتلوا في تلك الفترة الزمنية نفسها. وأشارت هيئة «يوروبول»، وهي وكالة إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي إلى أنه كان هناك 152 هجوما إرهابيا في أوروبا عام 2013، ولكن كانت «الدوافع الدينية» وراء هجمتين فقط من هذه الهجمات، مقابل 84 عملية إرهابية بسبب المعتقدات العرقية أو القومية أو الانفصالية.
من الأسباب الرئيسية لتصاعد الهجمات الإرهابية من جميع الأديان والأعراق، هو الخطاب الديني المتطرف بجميع مناطق العالم، والذي يحث على الكراهية والتمييز ضد المهاجرين، ونرجو عدم الانسياق وراء ذلك التيار الذي قد اكتوينا منه كثيرا، من إرهاب البوذيين ببورما، والصهاينة بالقدس، والمتطرفين المسيحيين بأوروبا وأميركا، والمتطرفين الإسلاميين من إخوان مسلمين وحزب الله والقاعدة وداعش الذين صبوا معظم أذاهم وإرهابهم على المسلمين.
أتمنى أن نرى ذلك التعاطف العالمي والوقفة الأممية وزيارات رؤساء الدول لنيوزيلندا تعاطفا مع أسر ضحايا مجزرة المسلمين، كما حدث بباريس 2015 حين خرج خمسون رئيسا وممثلا لدول مختلفة من العالم، بمشاركة الرئيس الفرنسي في مسيرة تاريخية ضد الإرهاب إثر الاعتداءات التي شهدتها العاصمة الفرنسية ذلك الوقت... إن لم نر ذلك التضامن فيجب عدم الغضب، لأن ذلك جزء من سياسة (الخيار والفقوس) الدولية التي نشأت من عقود.