محمد أبوملحة
فقدت منطقة عسير الشيخ عبدالله بن عبدالوهاب أبوملحة، عميد أسرة آل أبوملحة الذي وافاه الأجل المحتوم الإثنين الموافق 16/ 12/ 1439 في منزله بقرية آل أبوملحة العرق بمحافظة خميس مشيط، عن عمر يناهز 100 عام، وبعد معاناة مع المرض امتدت 10 سنوات تقريبا.
الشيخ عبدالله هو أكبر أبناء والده، وقد أخذ صفات كثيرة منه، وكان يشبهه إلى حد كبير، في قامته واكتناز جسمه وملامحه وإقدامه وقلة كلامه، هادئ الطبع، كريم الأخلاق، باهي المنظر، وقد شارك والده في بعض غزواته ورحلاته، وكان يعتمد عليه في بعض الأمور، منها أن كلّفه وهو في مقتبل حياته في الستينات، وهم في زيارة إلى الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في الرياض، عندما توفى الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عسكر، أمير منطقة عسير سابقا، فأوفده إلى السفر للمجمعة ومعه بعض المرافقين، ليذهب لإحضار شقيقته أرملة ابن عسكر -رحمه الله- وابنها إبراهيم، ليكون اللقاء به في مدينة الطائف، طريق عودتهم إلى المنطقة «خميس مشيط».
وقد انتاب الشيخ عبدالله بعض الأمراض، ولعدم وجود المصحات اللازمة في المنطقة قام بإبلاغ الملك عبدالعزيز -رحمهم الله- أنه في حاجة إلى علاج ابنه، وطلب إحضاره إلى الرياض مع مرافق هو حسين بن فرحان العبيدي -رحمه الله- فبعثهم الملك إلى المنطقة الشرقية بالقطار، إلى الأمير سعود بن جلوي أمير الشرقية الذي استقبلهم الاستقبال المناسب، وكان صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز في زيارة إلى أمير منطقة الشرقية آنذاك، فقام ابن جلوي بإرساله بالباخرة إلى البحرين للشيخ عبدالرحمن القصيبي، وعمده باستقبال الشيخ عبدالله ومعالجته، فاستقبله بحفاوة بالغة، وقام بالتوصية عليه ومعالجته، وعاد في أحسن حال.
كان -رحمه الله- شديد الشغف بحب الخيول العربية، ويمتلك بعضها آنذاك، ويهوى الفروسية ولا يفارق والده، وهو أكبر الأبناء، يليه أخواه عبدالعزيز وسعيد، رحمهم الله.
وكان من الخيول التي يهواها في السباق حصان اسمه الفتح، وفرس هي بنت البيرق، مهداة من الأمير عبدالعزيز بن جلوي للوالد.
كان يقام في أبها سباق للخيل، يحضره أمير المنطقة الأمير تركي بن أحمد السديري، وأخواه خالد ومساعد وأبناؤه، والشيخ عبدالوهاب وأبناؤه، وعدد من مشايخ القبائل والأهالي والأخوياء، رحمهم الله.
وكان غالبا ما يفوز في السباق، ويُعطَى جائزة، وسرعان ما يتقدم إليه الأخوياء يطلبون الحذية، فيوزع جائزته عليهم، وينال عين الرضا من والده لما فعل.
وكان -رحمه الله- أنيقا في مختلف أمور حياته، ملتزما بأمور دينه، وكان له موقع في مسجد القرية خلف الإمام، لا يفارقه إلا لمرض أو سفر، وكان يقابل زوار والده في غيابه، هو وأخواه عبدالعزيز وسعيد، وأبناء عمومته بالخميس.
وفي بداية حياته، كان هو وأخواه عبدالعزيز وسعيد -رحمهم الله- قد أمضوا وقتا في أبها للدراسة، ويقيمون لدى الوالدة بمنزل الوالد بأبها.
كان يحضر إلينا أحيانا في أبها ممتطيا صهوة حصانه، فنُسرّ نحن إخوته الصغار بقدومه، وقد تزوج في نهاية حياته بابنة آل أبوسراح، من مشايخ بن مغيد «عسير»، ثم تزوج بنت آل حموض من مشايخ شهران، وتزوج بنت الشيخ حسين بن صمان من مشايخ قحطان، ولم ينجب من الثلاث السابقات أي أبناء، وتزوج بنت آل جهير من مشايخ بني مالك عسير، فأنجب منها بنتان، وتزوج بنت آل ظفران من مشايخ بني مالك عسير فأنجبت منه ولدان هما سعيد ومحمد، وبنت، وتزوج ابنة ابن عمه محمد بن عبدالله فأنجبت له مساعد، وتزوج بابنة بنت عمته، بنت ابن سويد، فلم تنجب.
وأخيرا تزوج من بنات قحطان من آل معمر، بنت الشيخ عون بن ناصر الحنبة، فأنجبت منه 5 أبناء، هم: بندر وتركي وجمال وسعود وعلي -رحمه الله- و5 بنات. وفي آخر السبعينات الهجرية، عُين رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بخميس مشيط، وكان -رحمه الله- يهوى الزراعة والأغنام، ويحبذ الأكلات الشعبية، وفى آخر حياته تعب كثيرا من جراء المرض الذي أقعده في سريره أكثر من 10 سنوات، كان يلقى خلالها الرعاية والاهتمام من شريكة حياته أم بندر، التي أثبتت أنها امرأة مثالية صالحة تستحق الإشادة والإطراء جراء صنيعها وصبرها طوال سنوات معاناته، جعل الله ما قدمته لرفيق دربها في ميزان حسناتها، حفظها الله من كل شر، وعوّضها فيه خيرا وأصلح ذريتها.
وأخيرا، عزاؤنا فيه أن يعوضنا خلفا من الأولاد، أحسبهم خير خلف لخير سلف إن شاء الله.