أكد محللون سياسيون أن تصنيف تركيا لهيئة تحرير الشام «جبهة النصرة»، أحد فروع تنظيم القاعدة، كمنظمة إرهابية جاء بضغط روسي، في محاولة لعزل التنظيم المتطرف عن باقي التنظيمات المتحالفة مع تركيا، والتي ستضطر إلى عقد مصالحات مع النظام السوري بدلًا من خوض «معارك خاسرة». جاء ذلك وسط استعدادات قوات النظام السوري بدعم روسي لشن هجوم واسع على الفصائل المعارضة بما فيها جبهة النصرة في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة، فيما حذرت الولايات المتحدة من الهجوم واستخدام أسلحة كيماوية خلاله. وكانت تركيا قد صنفت في وقت سابق جبهة النصرة، كتنظيم إرهابي، في مؤشر على أن المفاوضات، التي أجرتها المخابرات التركية مع قادة الجبهة، وصلت إلى طريق مسدود، لاسيما مع اقتراب ساعة الصفر لبدء هجوم قوات النظام.
تغير مفاجئ
قال مراقبون إن تغير الموقف التركي المفاجئ إزاء جبهة النصرة جاء رغما عن الإدارة التركية التي لا تستطيع الآن إغضاب روسيا العازمة بشدة على إنهاء الوجود العسكري للمعارضة في سورية. كما طلبت روسيا من تركيا تطمينات حول قاعدتها حميميم في سورية التي لا يجب أن تستهدفها الفصائل المعارضة المدهومة من تركيا، لذلك أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على ضرورة «إزالة مخاوف روسيا فيما يخص إدلب، حيث من الضروري ألا تشكل الجماعات المتطرفة أي تهديدات لوجودها وقاعدتها حميميم في سورية». وأكد المراقبون أن تركيا رضخت للإرادة الروسية في الوقت الذي تعيش أزمة حقيقية في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، لافتين إلى أنه لم يكن غريبا أن تتخلى تركيا عن حليفتها العتيدة جبهة النصرة.
خيارات محدودة
قال المحلل السياسي يوسف دياب لـ«الوطن»: إنه بعد أن أخذ الروس والنظام السوري بالحشد لمعركة أدلب، أصبحت الخيارات ضيقة أمام تركيا، فإما أن توافق على التخلص من جبهة النصرة وتصفها بالتنظيم الإرهابي من أجل حلها نهائيا أو الذهاب إلى مواجهة عسكرية ستحرجها وتظهرها على أنها دولة داعمة للتنظيمات الإرهابية، خصوصا أن العالم صنف جبهة النصرة كتنظيم إرهابي. وأضاف أن أن تركيا هدفت من التخلي عن جبهة النصرة تجنيب إدلب معركة قاسية وطاحنة ستدفع بمئات الآلاف من النازحين نحو الأراضي التركية، كما أن هذه المعركة ستعزز النفوذ السوري والإيراني والكردي على الحدود التركية، وهو ما لا تقبل به تركيا، وبالتالي وجدت نفسها ملزمة بوصف جبهة النصرة بالتنظيم الإرهابي، وطلب منها حل نفسها لا بل إنها قد تستخدم ضدها القوة لتحقيق هذا الأمر.
البحث عن حل سياسي
ذكر دياب أن تركيا تفكر بما سيحدث بعد حل جبهة النصرة وأنها تنتظر بزوغ بوادر الحل السياسي في إدلب من ناحية قبول روسيا ببقاء المعارضة المعتدلة والجيش الحر في المدينة، مبينا أنه في حال عدم حدوث ذلك فإنه سيتعين على تركيا القبول بمصالحات سيفرضها النظام السوري بدعم روسي لإعادة إدلب تحت حكم الأسد. وقال «من هنا ستسعى تركيا بكل قوتها للوصول إلى اتفاق مشترك مع إيران وروسيا يضمن وصايتها على إدلب والمناطق التي سيطرت عليها مثل عفرين وجرابلس، بهدف الحفاظ على حدودها الإستراتيجية وعدم عودة النفوذ الكردي إلى تلك المنطقة».