أمانة جدة تنسق مع عدد غير يسير من الإدارات الحكومية، مع الشرطة والمرور والدفاع المدني والأرصاد وفرع المياه وفرع النقل وشركة الكهرباء، هذا التنسيق الدقيق والمتواصل من أجل تنفيذ خطتها الدقيقة الموضوعة لشفط مياه الأمطار، الشوارع المعنية بالشفط هيأتها الأمانة نفسها طيلة تاريخها المجيد لتكون بحيرات للمياه الآسنة التي يتنزه على ضفافها المرض، بلا مبالغة هذه الشوارع قد هيأتها الأمانة فعلا، الواقع يشهد بذلك، منذ سنوات والأمانة تواصل مشروعها في تغطية مجرى السيل من الشرق إلى الغرب وهذا لا شك مشروع جميل، لكن الأمانة لم تتنبه حتى الآن إلى أن الشوارع التي تنتهي عند هذا المجرى من جهتيه لا يمكنها صب مياهها فيه، مناسيب هذه الشوارع مهيأة من قبل الأمانة لتتحول إلى بحيرات آسنة لا تستطيع التوجه إلى المجرى القريب منها، لا يجد الناس سببا منطقيا لذلك سوى خطة الأمانة الدقيقة الموضوعة لشفط مياه الأمطار، لو أن الأمانة بدلا من معاناة التنسيق مع عشر إدارات حكومية نسقت الجهود داخلها لعدلت بسرعة مناسيب هذه الشوارع كي تصب في المجرى الجاهز. خطة الأمانة التي تتكرر منذ ربع قرن لشفط مياه الأمطار من الشوارع ذات أثر ضعيف جدا، وما تقوله الأمانة في الصحف يختلف عن الواقع، الواقع يقول إن الأمانة عاجزة عن عمليات الشفط التي تدعيها سنويا، فالمياه في معظم شوارع جدة تبقى إلى أن تنهيها عوامل التبخير الطبيعية، تكاليف خطة الأمانة التي تتكرر منذ ربع قرن تدخل في باب الهدر، هذه التكاليف طيلة هذه المدة تكفي لتعديل مناسيب الشوارع التي كأنما أنشئت لتكون أحواضا لتوليد لأمراض، جدة اليوم كلها وحل وقذارة بسبب أمطار الأربعاء الماضي، وايتات الأمانة وعمالها في مواقعها في الميدان استعدادا لمصوري الصحف، والناس يخوضون في المياه الآسنة غدوا ورواحا، وهي عادة سنوية أدمنوا عليها وعلى خطة الأمانة الدقيقة الموضوعة على ورق الصحف.

يا أمانة جدة، لا داعي لخطة الشفط السنوية، شكرا لا نريدها، الناس يقرؤون عن مجهوداتكم في الصحف ولا يلمسون لها أثرا في الواقع لا في الشفط ولا في الرش والمكافحة، وأنتم معذورون، أنتم لا تستطيعون، فلماذا نبيع الكلام على بعض، بيعوا الوايتات ومضخات الشفط والرش، وفروا رواتب الألف عامل، ورواتب مسؤوليكم وموظفيكم المهمومين بالتحدث للإعلام عن الخطط الدقيقة، واجمعوها ريالا فوق ريال ووجهوها لتصحيح مناسيب الشوارع على الأقل ثم واصلوا الجهاد لإنعاش مشروعكم المغمى عليه لتصريف السيول نكون لكم من الشاكرين، أريحونا لو سمحتم من خطتكم الدقيقة الموضوعة سنويا، فنحن لا نرى لها أثرا إلا في المستشفيات، نتائج خططكم الدقيقة تجدونها هناك في أقسام الطوارئ وعلى الأسرة البيضاء وفي المقابر.

أنتم كما تعلمون لا تشفطون المياه، أنتم تشفطون أعصاب الناس وصحتهم وأرواحهم.