نناقش التقرير الذي نشر الأحد الماضي، الصادر عن منظمة الصحة العالمية لهذا العام، الذي يذكر أن المملكة سجلت أعلى معدل وفيات ناجمة عن الحوادث المرورية من بين دول مجموعة العشرين، إذ بلغ 28.8 لكل 100 ألف نسمة، وبإجمالي 9031 حالة وفاة. وبالمقابل ينخفض معدل الوفيات من بين هذه الدول في المملكة المتحدة بنسبة 3.1 لكل 100 ألف نسمة وبإجمالي 1804 حالات وفاة. السؤال المطروح: ما هو السبب في تربعنا على عرش الصدارة في قائمة أكثر الدول في حوادث المرور ولمدة تزيد على ربع القرن؟ لماذا هذه الخسارة الكبيرة التي ما زلنا نتكبدها وحدنا دون غيرنا؟ دع عنك حلول المطبات الصناعية التي تفوق مطبات دول العالم فهي لم تجدِ نفعاً.
الحل في نظري يرتبط بجهتين: وزارة التعليم وإدارات المرور في المملكة فعندما يطالب المرور بضبط حركة الطلبة داخل المدارس من مرحلة الروضة وحتى مرحلة الثانوية، سينعكس ذلك بدون أدنى شك على ضبط حركة المرور في الشوارع والطرق السريعة. وعندما تلزم وزارة التعليم مدارسها بأهمية خروج الطلاب والطالبات بنظام الواحد خلف الآخر بدءا من الاصطفاف الصباحي، ومرورا بخروج الطلبة للفسحة وانتهاء بالانصراف، بحيث عندما ينتهي خروج فصل يتم إخراج الفصل الذي يليه وهكذا... مع وضع جدول زيارات مفاجئة لإدارات المرور لمدارس مختلفة، ووضع تقييمات للمدارس الأفضل نظاما وجوائز مالية. أعتقد مع تكرار هذا السلوك الإنساني الحضاري، سيؤمن كل واحد منهم، بأهمية الالتزام بالنظام وسيصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة حياته الطبيعية، وسينعكس هذا على قيادته للسيارة مستقبلا، فهناك عبارة غربية تقول: إذا أردت أن تعرف حضارة مجتمع فانظر للحركة المرورية فيه. ولو أمكن لك الذهاب لأي مدرسة ستجد وبمجرد دق الجرس السباقات الفوضوية بين الطلبة، يدخلون الفصول متزاحمين ويخرجون منها متزاحمين وهم بأصوات الزعيق والصراخ، وينطلقون منها للمقصف كل يريد أن يصل أولاً، والمتأخر يقوم بحركة التدافع حتى لو وصل الأمر إلى أن يدوس من أمامه حتى يلحق بوجبة الإفطار قبل دق جرس الحصة. ولنا أن نتخيل هذا المشهد يحصل يوميا في الأيام الدراسية وبمباركة من إدارة المدرسة، وعليك الحساب... كم مرة يحصل هذا الأمر في الأسبوع والشهر والفصل الدراسي والسنة الدراسية والعمر الدراسي؟، والنتيجة الطبيعية الحتمية هي الإيمان بالفوضى وعدم النظام، ولذلك سيجد الطالب أن اللافتات الموجودة على جدران المدرسة والمدون عليها عبارة «النظام سلوك حضاري» ليست لها قيمة كونها غير مطبقة فعليا. إذن وبناء على ذلك ليس هناك ما يدعو للغرابة والعجب أن يقود الواحد منا سيارته ويريد أن يكون الأول ويعطيك كتفا حتى في الشوارع والطرق السريعة، وكأنه يريد أن يدوس السيارة التي أمامه حتى تفتح الطريق له. أتمنى من وزارة التعليم ووزارة الداخلية ممثلة بإدارات المرور المسارعة في حل هذه الكوارث البشرية.