قبل أيام حسم سوق يبنع للأسماك اختيار (شيخ طائفة الصيادين) عبر صناديق الاقتراع. لحل إشكالية استمرت لما يزيد عن 25 عاما، وفيما بات للأسماك أخيرا شيخها الذي يرتب سوقها، ويراعي هموم صياديها ما زالت الأندية الأدبية تنتظر.

فما إن استبشرت الأوساط الثقافية قبل شهرين بخطاب وزارة الثقافة والإعلام والذي نص على سرعة التعجيل بتكوين الجمعيات العمومية إيذانا ببدء عملية الانتخابات، ليتفاجأ الوسط الثقافي بالتوجه للتمديد لمجالس إدارات الأندية، وحتى نهاية العام الهجري. ووجه اجتماع الوزير برؤساء الأندية في القصيم كذلك بتكوين لجنة خماسية للنظر في بنود لائحة الأندية الأدبية من جديد.

القرار يرى فيه البعض إعطاء فرصة لتخرج الجمعيات العمومية والانتخابات بوجه يليق بسمعة الثقافة، فيما ذهب آحرون ومن بينهم قانونيون إلى أنه كان بالإمكان التعديل على بعض بنود اللائحة تدريجيا كما يحدث في دساتير بعض الدول، ولا تستدعي المسألة التأجيل، فريق ثالث أفصح عن أن تلك الخطوة مجرد تأجيل يستبطن تعطيل الاستحقاق الانتخابي.



وإذا كانت الثقافة والتي يفترض بها أن تكون أكثر أوجه النشاط الإنساني مرونة تعيش مثل هذا التعثر حد الجمود، وعدم الوضوح في تطبيق لوائحها، حيث لم تستطع منذ عقود أن تعيد لنفسها رنين صناديق الاقتراع فكيف بغيرها.

والغريب أن جمعية كجمعية المتقاعدين، أصبح لديها قبل أسماك ينبع، وقبل مجالس الأندية انتخابات تفخر بها فما المطلوب من المثقف والذي يفترض أن يكون المنظر والمسؤول الأول عن إنتاج تلك الثقافة أن يعمل كي يجد طريقه هو الآخر نحو ذلك الصندوق ليختار من يريد، ومن يؤمن بأحقيته بإدارة الفعل الثقافي.

أتصور أن في مثل هذا التأخير وإن أزعج الكثيرين فرصة لمراجعة عدد من القرارات واللوائح والأنظمة التي تصدر بحق الثقافة ومؤسساتها، خصوصا من الناحية القانونية، ومطلوب أن يكون هناك نقاش رصين بين المثقفين والجهات المعنية، يفضي للخروج بنتائج ملموسة ترسم واقع ومستقبل الثقافة، وتبعث الثقة في مؤسساتها، خصوصا وأن المسألة لم تتضح بعد فيما يتعلق بمسألة المراكز الثقافية، والتي سمعنا وقرأنا عنها في تصريحات كثيرة تطلق هنا وهناك، إلا أننا لم نر شيئا على الأرض شيئا ملموسا يتعلق بها.

نتمنى من اللجنة الخماسية والتي تقلّب هذه الأيام في أوراق اللوائح القديمة والجديدة وتسجل ملاحظاتها لرفعها للوزارة، أن تقف مليا على عدد من البنود التي كانت مورد إشكال فيما يتعلق بعضوية الجمعية العمومية وغيرها، وكلنا أمل أن تنتهي هذه الخطوة قبل حلول عام هجري جديد غير المتفق عليه.