جاء إغلاق ملف قضايا الفساد في السعودية لتكون أدوات العدالة الجادة والشفافية من أعلى رأس الهرم، حينما أنهت اللجنة العليا المشكلة لقضايا الفساد التي أعلنت في صفر عام 1439، حتى أكملت عاما كاملا في دهاليز النيابة العامة التي رفعت تقريرها النهائي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لطمأنة المواطن أولا، أن الفساد مُعطِّل للتنمية، ولهذا لن يتكرر بعد اليوم، حتى تمضي سفينهُ البناء باطمئنان وبمراقبة عالية وشفافية، تطال كل من امتدت يده إلى المال العام، وتحمل رسائل أخرى أن دولة العدالة في السعودية جعلت من أوائل اهتماماتها توفير الجو الآمن للشركات والاستثمارات المحلية والعالمية، لتخوض تجربة الشراكة مع السعودية وهي في مأمنٍ من أنّ أموالها تحت رقابة حسابية عالية، وهنا ستكون الشراكة مضمونة التحرك مع القطاع العام والخاص، بعيدا عن التلاعب في رؤوس الأموال المتدفقة من كل مستثمر.
اليوم، والسعودية تعلن إقفال ملف الفساد، تطوي صفحة من العبث الذي كان مسكوتا عنه، حتى أعلن ولي العهد حينها أن المساءلة تطال كل فرد ثبت تلاعبه بالمال، كائنا من كان، ورأينا هذا واضحا في بيانات الدولة، وآخرها التقرير النهائي الذي رفعه ولي العهد إلى الملك، حفظهما الله، وأن عدد من أُوقفوا 381 شخصا، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم فقط، والآخرون منهم 87 تمت التسوية معهم، وإقرارهم بما نُسب إليهم، وإحالة 56 آخرين إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق معهم، وفق الأنظمة والقضاء العادل، إذ إن هؤلاء لديهم قضايا جنائية أُخرى، وهناك 8 أشخاص أُحيلوا إلى النيابة العامة لعدم قبولهم بالتسوية، وتهمة الفساد ثابتة عليهم. وخرجت هذه اللجنة لتؤكد عودة الأموال المنهوبة «400 مليار ريال» إلى خزينة الدولة، ليُستَفاد منها في التنمية ومشاريع الوطن، ومعها يكون القاصي والداني على علم بما يؤكد حرص الملك سلمان ملك الحزم، ومحمد بن سلمان، الذي قال من لم يُعجبه ذلك فعليه أن يواجه الشارع والمواطن ويتحمل المسؤولية. وفعلا، حدث ونفّذ حملة القضاء على الفساد، لتكون عبرة لكل من امتدت يده إلى المال، وخان وظيفته وأمانته.
نحن اليوم، أمام جدية في دفع الوطن إلى أن يتحمل كل مسؤوليته، ويحاسب نفسه قبل أن يخضع للمحاسبة، وهذا ما أكد عليه الملك -وفقه الله- لدى تسلمه التقرير النهائي لملف الفساد، بقوله لن نسمح للعبث بالمال العام، وسيحاسب كل من أساء إلى الوظيفة، لأن هذا يعوق التنمية.
وبلا شك، تبرهن الدولة على أنها ماضية في المحافظة على النزاهة ومكافحة الفساد، ولك أن تتخيل بعد إقفال هذا الملف ما الخطوة التي سيسلكها كل موظف أو مسؤول عن المال بعد هذه الخطوة الجزئية من الدولة، والتي أعادت إلى الخزينة (400) مليار ريال، من أصول وعقارات وأوراق مالية، ستكون عونا للمضي بالتنمية، وسيُقطع دابر الفساد بعد اليوم.