بعض الأشخاص يتعلمون ريادة الأعمال من عمل العائلة، وآخرون يتعلّمونها من خلال دراستها في أكاديمية ما. أمّا أنا فلم أتعلّم لا من هذه ولا من ذاك، بل تعلّمتها عبر الالتحاق بـ«برنامج تعلّم من خسائرك لريادة الأعمال».

عندما افتتحت مع شريكي أول عملين، كنّا أبلهيْن، وكل ما كنّا نملكه هو طموح إلى تأسيس شركة، وَثِقَة ساذجة تكفينا لنصدّق أن بإمكاننا القيام بذلك. كان ذلك بداية لا تبشّر بالخير، لكن نظرا إلى الكمّ الهائل من الأمور التي كان يجب أن نتعلّمها آنذاك، أشعر اليوم بالدهشة من أننا استطعنا أن نستمر بالعمل لأكثر من سنة، لكن بالطبع لم نؤسّس شركة عابرة للقارات، ولا انتهى

بنا الأمر إلى تلقي عرض من شركة عملاقة لشراء شركتنا.

إذًا، نعم، لقد أثبتُ نفسي، لكن ليس من دون أن أقترف أخطاء، ولا من دون أن أتحمّل المشاكل والحرج ولا من دون هدر المال والوقت، لكن خلال مسيرتي تلك بنيت شيئا أشبه بمنهج أعتمده اليوم كمرجع خاص، وفي صلب ذاك المنهج أربعة كتب أثّرت بشكل كبير على صياغة أفكاري المتعلقة بتأسيس الشركات ذات الإمكانات المعتبرة.

قال أوليفر ويندل هولمز ذات مرة، إن فكر الإنسان ما إن ينفتح على أفكار جديدة حتى يمكن أن يعود محدودا من جديد، لذا كونوا على حذر لأن الكتب التالية مخصصة لتوسعة آفاق الفكر:

* كتاب: الإبداع وريادة الأعمال، للكاتب بيتر دراكر لا بد من قراءة هذا الكتاب إن كنت تريد أن تفهم عقلية رواد الأعمال، حتى إن كنت واحدا منهم.

أهمّ عبرة من الكتاب: لا يمكن فصل ريادة الأعمال عن الإبداع، فإن لم تنتج شيئا جديدا فإنك لست رائد أعمال. وبالتالي لا يمكن اعتبار المصبغة أو افتتاح وكالة لأحد مطاعم الوجبات السريعة المشهورة أو مغسلة للسيارات أمثلة لريادة الأعمال، إلا إذا ابتكرت نموذج عمل يختلف جذريا عمّا غيرها.



* كتاب: «معضلة المبتكِر: عندما تتسبب التكنولوجيا الحديثة بسقوط الشركات الكبرى»، للكاتب: كلايتون كريستنسن

«… يمكنك العمل بصمت إلى أن يبلغ ما تعمل عليه مستوى رفيعا، بحيث يصبح من الصعب على الآخرين البدء من الصفر للوصول إلى ذلك المستوى، فيضطرون إلى اللجوء إليك. هذه هي إستراتيجية الخروج المثالية».

كان كريستنسن مُقنعًا عندما شرح الأسباب التي تقف وراء فشل الشركات في التمييز بين الابتكارات المُعطّلة (أو المخربة أو التمزيقية)، وعلى الرغم من أن الكتاب كان في الأصل مخصصا لتمكين الشركات الكبيرة من إدراك خطر التغيير المعطل، إلا أنني وجدتُه نافعا أكثر للشركات الصغيرة والناشئة التي لا تدرك كم مهم البحث عن فرص في أسواق قد يرونها هم ناضجة أو استولى عليها الآخرون.

أهمّ عبرة من الكتاب: تنخفض قيمة الابتكارات في الأسواق فجأة وبشكل غير مُتوقّع ما إن يحل ابتكار جديد مكان آخر. وما إن يحصل ذلك حتى تصبح الابتكارات القديمة غير قادرة على مجاراة الابتكارات الجديدة. وهذا يعني بالنسبة إلى رائد الأعمال أن بإمكانه أن يطور بصمت ما يقدمه إلى أن يبلغ مستوى رفيعا، بحيث يصبح من الصعب على الآخرين البدء من الصفر للوصول إلى ذلك المستوى فيضطرون إلى اللجوء إليه.

* كتاب: «التمركز في السوق: معركة السيطرة على العقل»، للكاتب آل رايز وجاك تراوت

«تحديد الموقع داخل السوق» مصطلح ذُكر لأول مرة في مقالة لجاك تراوت نُشرت عام 1969، أما بالنسبة إلى «خلق العلامة التجارية أو الإيسام» فقد تغيّرت الأمور كثيرا في هذا المجال بسبب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. لذا من السخافة أن أدعوَ إلى قراءة هذا الكتاب الذي كُتب منذ أكثر من ثلاثة عقود، لكن تراوت ورايز برع في هذا الكتاب في الكلام عن هذين المفهوميْن، (أيْ «تحديد الموقع داخل السوق» و«خلق العلامة التجارية»)، بحيث إن المفاهيم والأُطر المرتبطة بهما والتي تحدثا عنها ما زالت تصلح إلى اليوم.

أهمّ عبرة من الكتاب: الأمر بغاية البساطة، إذ لا يجب عليك إلا أن تنفَذ إلى عقول المستهلكين، وأن ترسّخ فيها علامتك التجارية بحيث تصبح أمرا لا يمكن التخلي عنه، أو بعبارة أخرى نقطة ضعفهم، ولا تسمح لعلامتك التجارية مطلقا أن تتراجع عن هذا المستوى من التأثير على المستهلك.

* كتاب: بنية الثورات العلمية، للكاتب توماس كون

«المشكلة في كل نقلة نوعية هي أن معظم الناس لا يدركون حصولها إلا بعد أن يمضي وقت على ذلك».

قلّما أثرت كتب على آرائي حول كيفية حصول الثورات التكنولوجية والإبداعية مثلما أثر هذا الكتاب عليها. وقد كانت الفكرة الأساسية للكاتب بسيطة، لكنها قلبت رأسا على عقب نظرتنا إلى مفهوم التطور، فالكاتب يرى أن التطور ليس أمرا يحصل بالتدرج والتراكم، بل هو أمر يحصل عبر قفزات نوعية يتم خلالها استبدال كامل النظرة إلى العالم بنظرة أخرى.

توماس كولوبولوس

* مؤلف كتاب «تأثير الجيل زد: القوى الست التي تشكل مستقبل الأعمال»

* موقع Inc.com