إذا أردت أن تكون لك اليد العليا في التفاوض، أعط خصمك كأسا ساخنا من القهوة واجعله يجلس، فقد أظهرت دراسة جديدة متعمقة على العقل أن تصرفات الناس تتأثر، دون علم منهم، بما يلامسونه. أي أنك عندما تحمل شيئا ساخنا ستجد نفسك تتعامل مع الناس حولك بدفء ومودة. إنه خبر بلا شك رائع لمن يسعى إلى تكوين صداقة مع شخص ما، ولكنه ليس جيداً لمن هو وسط مفاوضات حاسمة يحاول فيها التمسك بالسعر الذي يطلبه.

تقول البروفيسور ثالمة لوبيل لموقع بزنس إنسايدر، إن هذا كله جزء مما يعرف «بالإدراك المكتسب»، وهو فرع متنام الأهمية من علم النفس، يُظهر كيف أن حياتك العقلية جزء من حياتك الجسدية، وتشرح هذا في كتابها «الإحساس: العلم الجديد حول الذكاء الجسدي».

«أول ما نتعلمه في طفولتنا هي مفاهيم مجردة ثابتة عن القرب والبعد، النعومة والخشونة، الدفء والبرودة، واعتمادا عليها نتعلم المزيد من المفاهيم المجردة»، يتجلّى هذا في الطريقة التي نتحدث فيها إلى بعضنا: إنه شخص بارد، أو إنهم أناس يُشعرونك بالدفء.

«عندما نحس بشيء مادي من خلال جسدنا تتنشط فينا مفاهيم أخرى مجردة. لهذا عندما نلمس شيئا دافئاً يتفعّل فينا مفهوم الشخصية الدافئة، دون علم منا».

يبحث الكتاب مجموعة من البحوث حول الطريقة التي تتأثر فيها أفكارنا العقلية بأحاسيسنا الجسدية، وتأثيرها بالنتيجة على تفاعلاتنا الاجتماعية.

في دراسة أجريت في عام 2008، أعطي مجموعة من الباحثين كؤوسا من القهوة، بعضها بارد وبعضها ساخن، إلى مجموعة من الأشخاص وطلبوا منهم أن يقيّموا شخصية شخص ما اعتمادا على معلومات قليلة جدا. وكانت النتيجة أن الأشخاص الذين كانوا يحملون كأسا ساخنا أعطوا تقييما للشخص بأنه شخص ودود أكثر من الأشخاص الذين كانوا يحملون كأسا باردا.

«لم يدر أي منهم أن حكمهم تأثر بكأس القهوة الذي يحملونه»، تقول لوبيل.

وفي دراسة مشابهة في عام 2010، وضع الباحثون أشخاصا في تفاوض حول سعر سيارة، وبعد أن رُفض سعرهم الأول أصبح عليهم تقديم عرض ثانٍ، وكانت الخدعة أن مجموعة من الخاضعين للتجربة كانوا يجلسون على كراسي ناعمة، والمجموعة الأخرى على كراسي خشنة. كانت النتيجة بحسب موقع نيور ماركتنج، أن الأشخاص الذي كانوا يجلسون على كراسي ناعمة زادوا سعرهم بنسبة 40% عن أولئك الذين كانوا يجلسون على كراسي خشنة. كما أن الأشخاص الذين جلسوا على كراسي خشنة كانوا مفاوضين شرسين.

وفي دراسة أجريت في عام 2011، أعطي المشاركون في الدراسة بعض الشوكولاته، وأعطي بعضهم رقائق البسكويت، في حين لم يعط بعضهم شيئا، ثم طُلب منهم أن يملؤوا استبيانا لا علاقة له بموضوع الدراسة الأصلي، بعدها أخبرهم أحد المشرفين على التجربة أن بروفيسور آخر من قسم علم النفس قد جاء فجأة ويريد بعض المشاركين في هذه الدراسة للمشاركة في دراسة ثانية.

من برأيكم هم الأشخاص الذي وافقوا على المشاركة؟ طبعا، الذين قدمت لهم الشوكولاته.

الخاتمة: في أي تفاوض أعط خصمك شيئا حلوا ودافئا، وأجلسه على أريكة ناعمة، وقد ينقلب الميزان لصالحك، كما تقول العالمة لوبل.

دريك بير

* كاتب مساهم في شركة فاست

* بزنس إنسايدر