نحن بحق مخلوقات تسيّرها العادة. نصف تصرفاتنا اليومية عادات نكررها باستمرار تقريبا. أي إننا نعمل آليا في معظم الأوقات. هكذا تقول دراسة أجرتها جامعة ديوك، وهذا شيء جيد.

«بدون العادات سيكون محكوما على الناس التخطيط لكل ما يقومون به، وأن يوجّهوا ويراقبوا كل شيء، بدءًا بالطريقة التي يحضّرون فيها أول كأس من القهوة في الصباح، إلى التسلسل الذي ستتحرك به الأصابع عند العزف على البيانو في حفل موسيقي»، هكذا يكتب الباحثون دافيد نيل، ويندي وود، وجيفري كوين.

لكن ماذا عن العادات الجديدة التي نحاول تكوينها؟ لماذا من الصعب إبقاؤها في مسارها.

هي القصة نفسها دائما لكثيرين. بينما تكون فخورا بروتين جديد اجتهدتَ في تكوينه، يحدث فجأة شي غير متوقع.

مثلا، بعد أن نجحت في الانتظام في حمية، تجد في يوم ما عرضا رائعا على البيتزا في استراحة الغداء، فتجد نفسك منجرفا في أكل كثير منها.

تخرج العادة الجيدة عن المسار المرسوم لها عند أقل خطأ نقوم به. لماذا يحدث هذا؟ هل كان يجب عليك المواظبة عليها وقتا أطول؟.

إن النظرية التي تقول إن تكوين العادة يأخذ 21 يوما إذا داومت عليها، هي مجرد خرافة ليس إلا، هكذا يقول عالم النفس جيرمي دين في كتابه «صنع العادات وكسر العادات».

وسطيّا، تستغرق العادة 66 يوما لتتشكل. بينما تتطلب العادات الأصعب، مثل التعود على القيام بتمرين المعدة 50 مرة كل صباح، حوالي 84 يوما لتتشكل، بحسب دراسة أجرتها جامعة لندن.

لكن هذه الأرقام -على أي حال- تختلف بشكل كبير من شخص لآخر.

ليس هناك عدد سحري من المرات تتشكل عنده العادات. الأمر يتعلق بقدرتك على استيعاب سلوكك وبيئتك وتأثيرهما على دماغك.

إليك هنا بعض الخطوات للبدء بتشكيل العادات:

* اخلق لعقلك إشارات تجعله يتصرف تلقائيا. وخلق العادة يعني أن تدرب عقلك على تكرارها مرات ومرات دون الحاجة إلى التوقف والتفكير فيها.

يحدث هذا من التكرار ومن تشكيل سلسلة من الأحداث التي يجب أن تحدث قبل أن يبدأ تنفيذ تلك العادة. مثلا، إذا أردت أن تعوّد نفسك على الركض يوميا، لا تقل لنفسك إنك ستركض في وقت فراغك. لأنك ستجد دائما شيئا آخر لتشغل به وقتك غير الركض.

فقد أظهرت البحوث التي أجريت على العادات، أن هناك دليلا من الناحية العصبية يُظهر أن التكرار يتسبب في قطع سلسلة الاستجابات من الذاكرة. والعادة لا تستطيع الوقوف وحدها في عقلك، لأنها تحتاج إلى أن ترتبط بشبكة من الأفعال، وعند القيام بهذه الأفعال عددا كافيا من المرات، فإن هذه الأفعال تبدأ بالحدوث بشكل تلقائي.



 * تجنب ما يحفز عاداتك السيئة. وبناء العادات الجيدة يعني أيضا الإقلاع عن العادات السيئة. لذا، عليك تحليل عاداتك السيئة لتفهم بشكل أفضل ما يحفزها، ثم استبعد أو تجنب هذه المحفزات. «إذا كان من عادتك أكل الشيبس بينما تجلس على الكنبة، ستجد بعد فترة أن رؤية تلك الكنبة سيحفز لديك الرغبة بالتوجه إلى الخزانة التي توضع فيها رقائق الشيبس» يقول وود في هذه المقالة التي نشرت في النيويورك تايمز.

لكن هذا لا يعني أن عليك إعادة تصميم منزلك كله بأثاث غريب الشكل. بل يعني أن عليك فهم المثيرات التي تحفز تصرفات معينة عندك، ثم العمل على تجنب هذه المثيرات.



 * ضع مكافأة لنفسك وأبقِها في بالك. أظهرت دراسة صادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT أن العقد القاعدية، وهي منطقة في الدماغ ترتبط بأداء العادات، تكون أكثر نشاطا في بداية السلوك، أي عندما يقوم مؤشر ما بتحفيز هذه العادة، وفي نهاية السلوك عند الحصول على المكافأة المرجوة من السلوك.

وقد أجريت تلك الدراسة على مجموعة من الفئران تركض في متاهة لتصل إلى قطعة من الشوكولاتة. كانت العقد القاعدية عند هذه الفئران أكثر نشاطا في بداية ونهاية المهمة، ولكن عندما أزيلت الشوكولاتة، فإن الفئران فقدت اهتمامها بالمهمة ولم تهتم بالمؤشرات الصوتية التي كانت تساعدهم للوصول إلى آخر المتاهة. عند إعادة المكافأة، أي الشوكولاتة، عادت الفئران إلى عادة الركض حول المتاهة.

ليست هذه الدراسة إلا واحدة من كثير غيرها، توضح كيف أن المحفزات والمكافآت مهمة جدا لتشكيل العادات والحفاظ عليها.

لذا، فإن الحصول على مكافأة في نهاية المهمة التي تقوم بها مهم جدا في المساعدة في تحويلها إلى عادة وفي ترسيخها.

 جين بورتر

* موقع فاست كومباني