استغرقت البشرية في غيبوبة الكفر والضلال والظلام لقرون وقرون، وجاء محمد صلى الله عليه وسلم لانتشالها من براثن الضياع، حاملا مشعل الإسلام والقرآن.. هدى وسراجا منيرا..
كانت تلك أكبر استفاقة في تاريخ البشرية على الإطلاق.
لكن أحدهم لم يفكر أن يسميها صحوة.. أو ثورة، أو انقلابا، أو حركة دينية أو اجتماعية…
أعضاء المجتمع المدني ـ الذي كان خير المجتمعات التي عرفتها البشرية عبر تاريخها الممتد لملايين السنين ـ لم يكن اسمهم سوى المسلمين، وفي أحسن الحالات «المؤمنون»..
لن نتحدث عن القدوة المطلقة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عن الخلفاء الراشدين الأربعة، سنأخذ شابا من الجيل الثاني من الصحابة هو عبدالله بن عمر..
كان عبدالله شابا ورِعا زاهدا، كثير الصيام والقيام وتلاوة القرآن حتى أشفق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجّهه إلى التخفيف قليلا من بعض العبادات رحمةً به وبشبابه الغض، وخوفا من ألا يطيق الاستمرار حينما يمضي به العمر نحو الكبر والضعف.
لم يكن عبد الله صحويا ولا مطوعا ولا إخوانيا ولا داعشيا ولا متطرفا ولا متشددا.. كان مسلما فقط.. محض مسلم، وفي أحسن الأحوال «مؤمن».
وزينب حينما تعلق حبلا في غرفتها حتى تستعين به على إتمام قيام الليل حينما تخور قواها لطول الوقوف، لم تكن صحوية ولا مطوعة ولا متطرفة.. هي فقط مسلمة، وفي أحسن الأحوال مؤمنة ترجو رحمة الله وتخشى عذابه.. والنبي يوجهها لأنه يشفق عليها، لكن هو نفسه صلى الله عليه وسلم كان يقف بين يدي الله عز وجل حتى تتفطر قدماه.. رغم أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
هذا الشاب فيصل الذي شاهدتموه يكف ثوبه عن الجر في الأرض، ويسمح للحيته بالظهور، ويداوم على الصلوات في المسجد، ويرتاد حلقة التحفيظ عصرا، هو ليس داعشياً ولا صحوياً.. إنه مجرد مسلم أرهقته الذنوب، ويريد التقرب إلى الله بفعل الخيرات والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فقط، وتلك الفتاة سارة التي رأيتموها تسبغ حجابها وتصلي ركعتي الضحى في مصلى المدرسة هي ليست داعشية، إنها مجرد مسلمة تفعل ما تعتقد أنه يقربها من الله ويباعد بينها وبين خطاياها.
ولأننا نعيش عصر الحرية والانفتاح الفكري في عهد سلمان الحزم ومحمد العزم.. فإن من أبسط الحقوق الكف عن تصنيف المسلمين، ومراقبة تصرفاتهم لإصدار الأحكام عليهم.. دعوا الناس يتنفسون الحرية ويفعلون ما يعتقدونه صحيحا ومنهم الفتاة المسلمة سارة والشاب المسلم فيصل.