حسنا فعل أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان عندما أصدر – قبل أيام - توجيها يقضي بسرعة التنسيق بين أمانة المنطقة وهيئة تطوير منطقة المدينة المنورة، لإيجاد البديل المناسب للبساطين - رجال ونساء - في سوق المناخة.
جاء التوجيه بعد مناشدة النساء العاملات في مباسط سوق المناخة بالمدينة المنورة المسؤولين بالنظر في موضوعهن ورفع الضرر عنهن، بعدما جاءهم أمر بلدية الحرم النبوي بإزالة المكان لصالح توسعة الحرم، ولا يوجد لديهن بديل، فهو مصدر زرق بالنسبة لهن، وانتقال النقاش بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي حتى أصبح بعضهم يسألون: هل سيزيلون سوق المناخة؟.
وهنا أحببت أن أفك هذا الاشتباك من باب المهنية الإعلامية، إذ يقول الخبر الذي تناقلته صحافتنا المحلية من الموقع الرسمي للأمانة: أزالت أمانة منطقة المدينة المنورة مباسط سوق المناخة الذي سبق أن هُيئ للسعوديين في الموقع، لحين البدء في مشروع تبليط الساحات الغربية للمسجد النبوي، بحيث يُستفاد من الموقع لاستيعاب البساطين بشكل منظم.
السؤال: هل سيتم إزالة سوق المناخة نهائيا؟.
الجواب: لا.
حيث يقول الخبر «استيعاب البساطين بشكل منظم» بمعنى إعادة تأهيل السوق بعد تبليطه، كونه في موقع الساحة الغربية من الحرم النبوي.
ولمن لا يعرف سوق المناخة أقول هو سوق أسسه الرسول الكريم، من تسمياته سوق المدينة، يقع غربي المسجد النبوي، ويبدأ شمال مسجد الغمامة ويمتد إلى القرب من ثنيات الوداع شمال المدينة المنورة، ويعد من الأسواق التي لديها حركة تجارية نشطة، إذ يتوافد عليه كثير من الزائرين من مختلف أنحاء المعمورة من المعتمرين والزائرين للمسجد النبوي. إذ نُقل عن عطاء بن يسار القول: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل للمدينة سوقاً أتى سوق بني قينقاع، ثم جاء سوق المدينة فضربه برجله، وقال: «هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذ فيه خراج، وفي رواية فلا ينقص منه ويضرب عليه خراج».
كثير من دول العالم مثل الصين واليابان مثلا تهتم كثيرا بالأماكن التاريخية وتطورها وتدمج فيها الأصالة والمعاصرة، وعندما نقرأ عن مؤشرات المدن الإبداعية أو جودة المدن، نجد أن من أهم معاييرها الاهتمام بالتاريخ والتراث.. المدينة المنورة تفردت بالنسبة لمدن المملكة ببرنامج أنسنة المدن (المدينة الإنسانية) مبدؤها الأساس جعل المدينة مناسبة للإنسان، وتركز فيها واقعها على جوانب جودة الحياة وتطوير الأماكن الأثرية والتاريخية.
نعم هي الرغبة الإنسانية في معرفة آثار السالفين، وآثار النبي في المدينة هي أغلى أمنية يسعى المسلمون الذين يأتون إليها في كل عام لرؤيتها والوقوف عليها، وليس هناك أحب من رسول الله عند المسلمين الذين يأتون للمدينة وقد حملوا معهم وفي ذاكرة كل منهم أسماء مواقع وأيام لها صلة بآثار النبي والصحابة الذين خلدهم التاريخ في ذاكرة كل مسلم في الأرض، ويود كل من قدم إلى المدينة أن يرى تلك المعالم ويقف عليها كما وقف عليها رسول الله ومن آمن معه.
ما أود قوله بأن سوق المدينة (المناخة) يجب تسويقه للعالم كمركز تجاري يحمل إرثا تاريخيا، والصناعة الإبداعية تأتي عندما تكون منتجاته وطنية بامتياز وليس كما هو موجود الآن 95 في المئة صيني و5 في المئة سعودي.
أخيرا أقول: بانتظار سوق المدينة بحلته الجديدة.