في الآونة الأخيرة، ترددت تغريدات لآباء سعوديين يشجعون بعضهم على منح بناتهم منازلهم، أو شراء مساكن لبناتهم.
ويبدو أن ذلك بسبب مشاهدتهم بأنفسهم تجارب حقيقية لسيدات طُردن من بيوتهن بعد طلاقهن، ليصبحن ضيفات في بيوت الإخوان.
في الحقيقة، إن ترك مثل هذه الأمور لعواطف الآباء تحددها، لا يعفي أحدا من مسؤوليته تجاه النساء، خاصة من أفنت شبابها وعمرها في خدمة زوج ثم ظهر له أن يستبدلها بأخرى أكثر شبابا، مُلقيا بها في الشارع، معتمدا على عدم وجود قانون يحمي من هي مثلها من هذا الجحود.
وقد يتساءل أحدهم: كيف نشرّع قانونا ملزما لهؤلاء ألا يُخرِج زوجته من البيت بعد طلاقها منه، سواء كانت أُمّا لأولاده أم لا؟، وكيف نمنح امرأة حق احتلال منزل رجل لا تربطه بها علاقة زواج؟، وبالتالي لا توجد عليه مسؤولية تجاهها؟
لا شك أنه تساؤل في محله تماما.
لكن، دعوني أقول من واقع دراسة طويلة لأصول الفقه الإسلامي، سكوت الشارع عن حكم ما، لا يعني أنه ليس بإمكانك ملء الفراغ بوضع تشريع أو رزمة من القوانين تتواءم مع قيم دينك من جهة، ومع متطلبات مجتمعك، خاصة ما نتج من انعدام في الأخلاق واستغراق في الماديات، لأن هذا دورك، وما يدل على ذلك حادثة صحيحة في التشريع، وهي رفض عمر - رضي الله عنه - حرمان المرأة البائنة بينونة كبرى من زوجها من النفقة والسكن، رغم وجود حديث صحيح روته فاطمة بنت قيس، فما بالك إذا لم يوجد ما يمنع من إصدار قانون يحمي هؤلاء النساء من الطرد من بيوتهن بعد الطلاق، خاصة من قضت فترة معقولة معه، أو أفنت شبابها وصحتها في توفير بيئة انطلق منها إلى نجاحاته.
في الحقيقة، نحن السعوديين، قدوة للعالم الإسلامي كله، وتشريع كهذا لن يكون سابقة حضارية في حقوق السعوديات فقط، بل كل المسلمات، خاصة أننا مرجع للعالم الإسلامي كله دائما.