ورث Würth، شركة عائلية ألمانية، تصنع كل ما يخطر على البال من منتجات أساسية مثل البراغي، والمسامير، والعزق. قد تعتقد أن شركة كهذه لا تحتاج لموظفي المبيعات، لكنها في الحقيقة توظف 3000 مندوب مبيعات، تسميهم «القلب النابض»، وتشد على أيديهم، وعندما يؤدي أحدهم أداءً استثنائياً ترسل الشركة رسالة تهنئ فيها زوجته.

 هناك تقارير يتم تداولها منذ بداية ثورة الإنترنت الأولى تتحدث عن نهاية الحاجة لرجال المبيعات. فالمستهلكون هم من يقومون بعملية البحث الآن، والشركات تتجه أكثر نحو أتمتة عملية الشراء ونحو المزادات المعكوسة حيث كل ما يهم هو السعر فقط. كما أن الكم الكبير من المعلومات في الإنترنت، كالتصنيفات والمقارنات زاد من صعوبة عملية البيع. وأصبح المستهلكون أكثر تخوفاً من أن يتم خداعهم، بسبب أعمال اعتادت الشركات على فعلها. فكانت شركات الأدوية على سبيل المثال تختار مندوبي مبيعاتها من الفتيات الجميلات بهدف التأثير على الأطباء ودفعهم لوصف أدويتهم للمرضى.

 دفعت هذه التغييرات العديد من الشركات إلى تخفيض عدد بائعيها، فقامت شركات الأدوية بخفض عدد موظفي المبيعات لديها بنسبة 30 % بين عامي 2006 و2011، واستبدلت العديد من البائعين المتجولين بموظفي مبيعات على الهاتف، كذلك قامت شركات التجزئة الأميركية بخفض عدد موظفي المبيعات.

 لكن رجل المبيعات لا يزال مهمّاً كما كان أبداً. ففي مبيعات السيارات لا يزال رجل المبيعات الأكثر قدرة على بيع الكم الأكبر من السيارات على الرغم من محاولات صانعي السيارات للبيع على الإنترنت.

 وحتى أن الشركات الفتية بدأت تعتنق تقنيات البيع القديمة مرة أخرى. يذكر الكاتب فيليب ديلفز بروتون في كتابه «فن البيع»، أنه عندما زار شركة salesforce.com التي تبيع خدمات لدعم البيع عبر الإنترنت، وجد غرفة ضخمة مليئة برجال المبيعات من الخريجين الجدد يتحدثون بحماس على الهاتف. وجوجل أيضاً، صحيح أنها في عمقها شركة بنيت حول الخوارزميات المعقدة، لكن لديها أيضاً آلاف رجال مبيعات من لحم ودم يبيعون الإعلانات. وأبل التي تبيع الملايين من حواسيب آي-ماك عبر الإنترنت، لديها متاجر مثلها مثل أي متجر يعتمد الأسلوب القديم في البيع. وبينما يبيع منافسو آبل حواسيبهم في صناديق كبيرة لا روح فيها، تحرص أبل على الإبقاء على أدق التفاصيل النفسية: فمثلا، موظفو أبل ممنوعون من التصحيح للزبائن الذين يخطئون بلفظ أسماء منتجات آبل، فإن قالو إيماك، أو آي-ماك، ما الفرق؟

 لكن التراجيديا التي يعيشها رجل المبيعات هذه الأيام في الشركات الحديثة لا تكمن في أنه مهدد بالخروج من العمل، لكنها تتمحور حول أن رجل المبيعات لا يلقى الاحترام.

 وتتعمق مأساة رجل المبيعات، فمعظم النظريات في علم الإدارة تتجاهل البيع. ومع ذلك هناك مؤشرات الآن على أنّ الشركات بدأت تهتم بالمبيعات من جديد، ويحاول البعض تحويلها من فن إلى علم. ولذلك بدأت الشركات تتابع أداء مندوبيها عن قرب، ولدرجة فيها بعض المبالغة، وذلك عن طريق أدوات تسمح لمديري المبيعات بمتابعة أداء أعضاء فريقهم، ولأن الشركات أصبحت تدرك أهمية المبيعات، أصبحت تدلل أهم زبائنها بفريق كبير ومعقد من موظفي المبيعات يتضمن موظفين من مختلف الأقسام.

 وفي هذه الأثناء، يستمر النقاش مستعراً حول المبيعات. وأكثرها حدة يتعلق بكيفية الدفع لموظفي المبيعات. هل يجب دفع رواتب لهم، أم يجب مكافأتهم يومياً من خلال العمولة؟ لطالما فضلت الشركات الأميركية خيار دفع عمولة أكبر من الراتب، لكنها هذه الأيام تسلك الطريقة الأوروبية في جعل الراتب النسبة الأكبر مما تدفعه لموظفي المبيعات. أما في اليابان فيحصل موظفو المبيعات على راتب فقط. بينما يفضل عادة موظفو المبيعات في الصين والهند الحصول على عمولة فقط، فهذا بنظرهم طريقة سريعة للحصول على المال.

وفي النهاية، يبقى رجال المبيعات الأبطال المجهولين في عالم الأعمال. فهم يقاتلون يومياً وبشجاعة ضد الشركات المنافسة، وضد المستهلكين الأغبياء الذين يفضلون التشبث بمالهم الذي اكتسبوه بشق النفس، فيجمعون معلومات حيوية عما يفضله المستهلكون وعن تحركات الخصوم المنافسين.


أسرة تحرير الإيكونومست

* الإيكونومست