أطلقت مؤسسة النقد العربي السعودي حملة توعوية تحت شعار «اعرف قيمتها»، بهدف التعريف بفئات الإصدار السادس من العملة المعدنية، ورفع الوعي لدى الناس بقيمة العملة المعدنية بجميع فئاتها، والحث على استخدامها في التعاملات اليومية، وذلك «لتعزيز ثقافة الوعي المالي لدى المتداولين بالنقد بصفة عامة والعملة المعدنية بشكل خاص، وتأصيل ثقافة تداول فئات العملة المعدنية من أجزاء الريال، وتنمية ثقافة الادخار لدى الأطفال».
بالرغم من حرص مؤسسة النقد العربي السعودي على توفير كافة فئات العملات المعدنية التي رافقت كافة الإصدارات النقدية التي شهدتها المملكة منذ التأسيس، ووصولاً إلى الإصدار السادس الأخير عبر فروع المؤسسة المنتشرة في مناطق المملكة، إلى جانب فروع البنوك التجارية العاملة في السوق المحلية، إلا أن تداول العملات المعدنية شبه غائب، وهناك عدم اهتمام بصرفها أو تداولها، وذلك لعدة أسباب منها على سبيل المثال ما يلي:
-عدم الوعي بالأهمية الاقتصادية للعملات المعدنية والفرق بينها وبين العملات الورقية، وهذا لم تشرحه أو توضحه مؤسسة النقد في حملتها الأخيرة.
- الاستمرار في التعامل بالريال الورقي المتداول حاليًا، بالإضافة إلى استخدام البطاقات البنكية في كثير من التعاملات المالية حتى لا تخرج النقود من المنظومة البنكية ككل، وعدم استبدال العملات المعدنية بالورقية في البنوك.
-العملات المعدنية لا تتواكب مع ارتفاع الأسعار والتضخم، بحيث تشكل أهمية شرائية.
-التعامل بالريـال الورقي أسهل وآمن من السقوط والضياع بالإضافة إلى خطورة ابتلاعها من قبل الأطفال.
-عدم وجود قنوات كافية لصرف وتداول العملات المعدنية مثل مواقف السيارات ومكائن الخدمات الذاتية للمشروبات والتسالي.
الأسباب السابقة تعتبر إحدى العوامل الرئيسة التي ساهمت في عدم تداول العملات المعدنية في السوق السعودي، ورغم أهمية هذه الأسباب وخاصةً فيما يتعلق بالقوة الشرائية لتلك العملات، حيث يقترح بعض المختصين إعادة النظر في الفئات النقدية للعملة المعدنية، بحيث تكون هناك فئة خمسة ريالات معدنية، إلا أن الوعي بالأهمية الاقتصادية للعملات المعدنية يبقى الأهم في نظري.
حاولت مؤسسة النقد إبراز أهمية العملات المعدنية من حيث تكلفة إصدارها وأهميتها في الادخار الشخصي، وتوضيح مزايا العمر الافتراضي للعملات المعدنية، والذي «يقدر متوسطه من 20 إلى 25 سنة، مقارنة بالعمر الافتراضي للعملة الورقية الذي يقدر ما بين 12 إلى 18 شهراً، حسب ظروف تداولها، فضلاً عن ضمان عدم تزييفها وتزويرها، وعدم تعرضها للتلف، وتدنّي درجة تعرّضها لنقل الأمراض المعدية مقارنة بالعملة الورقية التي يسهل احتضانها للعديد من أنواع البكتيريا والفيروسات»، ومع ذلك العديد من الناس لا يدركون كيف تساهم العملات المعدنية في عملية الادخار؟.
في الماضي حصلت بعض الاحتيالات المالية من خلال استغلال عدم إرجاع الكسور مثل الهللات المتبقية، لأن الكثير من الناس لا يسألون عن هذه المبالغ، فيتم تحويلها إلى الحسابات الشخصية حتى شكلت مبالغ ضخمة، فهناك فقد هائل من عدم الحصول على الهامش من الوحدة الأصغر من العملة، ومن هنا تتضح أهمية العملات المعدنية في عملية الادخار، فالعملات المعدنية تشكل الخلية الأولية للنقود، ولا يستهان بها حتى في أضخم الصفقات التجارية، ولهذا اكتسبت العملات المعدنية أهمية كبرى لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقيم المالية المتبقية من قيمة شراء السلع، أو عند استخدامها الحصري في المكائن المخصصة لمواقف السيارات والنقل العام والسوبر ماركت، وحتى تلك المخصصة لشراء بعض الاحتياجات ذات القيمة السعرية المحدودة.
في الدول الأوروبية يتم تداول العملات المعدنية بشكل واسع، فهناك وعي وإدراك بالأهمية الاقتصادية لها، فعلى سبيل المثال أقفال أبواب دورات المياه لا تفتح إلا بوضع عملة معدنية تستخدم كرسوم لصيانة ونظافة دورات المياه العامة، فهذه الرسوم تشكل مبلغاً رمزياً بسيطاً لا يكاد يذكر ولا يشعر به الناس، كما يتم ربط عربات التسوق في السوبر ماركت بأقفال لا تفتح إلا بعملة معدنية، حتى يتم إرجاع العربة في مكانها بدلاً من تركها عشوائياً في المواقف أو سرقتها (لو طبقتها الأسواق الكبرى عندنا لقللت من فاقد العربات لديها، بالإضافة إلى تنظيم مواقف السيارات لديها)، كما تستخدم العملات المعدنية في عملية تدوير العلب البلاستيكية أو زجاجات المياه والمرطبات من خلال مكائن مخصصة لها يتم استبدالها بالعملات المعدنية، وهذا يساهم في عملية فرز النفايات والتقليل منها، والأمثلة تطول في هذا المقام، ويمكن للقارئ الكريم أن يتخيل القوة الاقتصادية للعملات المعدنية إذا تم استغلالها بالشكل الأمثل.