لعل الاستهداف الإعلامي والسياسي الممنهج والفاضح الموجه ضد بلادنا السعودية على إثر جريمة مقتل جمال خاشقجي، الذي تقوده عدة دول ومنظمات وجهات، إنما يأتي مدفوعا من توجهات وصراع للسيطرة على نفوذ وتحقيق مكاسب سياسية، ومصالح لم تعد خافية على المسرح الدولي، وفي طليعة من يمارس ذلك الابتزاز المعلن «تركيا» التي دخلت في الحدث بمعركة من التسريبات لخدمة أهدافها، لكن أيضا لا يمكن استبعاد أن الهجمة تلك على السعودية، من بين دوافعها، رؤية المملكة 2030 والخطط التنموية الإستراتيجية الطموحة للوطن التي يقودها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، والرغبة الحقيقية في إحداث نقلة جديدة في مسيرة البناء لبلادنا السعودية الجديدة، التي أدهشت العالم كله، وهو يرقب تلك الطروحات المستقبلية الطموحة التي ستنقل السعودية إلى آفاق مشرقة من النمو والازدهار والبناء والقوة، وسر دهشتهم أنها تلد في ظل ولادة عهد جديد من أبناء الأسرة الحاكمة، ظهروا على السطح، وبدؤوا في تقلّد كثير من المهام، وتولي المناصب وقيادتها وفق نظرة مستقبلية مصحوبة بإصرار وإدارة حريصة على العمل بجد واجتهاد، وفق الخطط المرسومة في تسيير شؤون الوطن، مع المحافظة على إرث الملوك الأولين في إدارة الدولة السعودية التي قامت على تحكيم الكتاب والسنة، وتأسست على أسس متينة، وثوابت راسخة مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي العظيم ستظل الدولة تحميها، ولن تتزحزح عنها، ربما أن هذا الأمر «أزعج» الأعداء مثلما هو «أدهش» الأصدقاء، وجلب الصداع للكارهين والحاقدين على الوطن، بعد أن ظنوا وتمنوا أن تدخل السعودية في دائرة الربيع العربي، الذي أحرق بلدانهم، وأتى على الأخضر واليابس، ودمر كل أمانيهم، وهدم كل أحلامهم، فتمنوا أن تذوق السعودية ما ذاقت بلدانهم بصنع أيديهم، ولكن الله أراد أن يقيض لهذا البلد في هذه الفترة العصيبة ملكا مثل سلمان بن عبدالعزيز، وفقه الله، الملك الذي تربى ودرس أساليب القيادة وفنون الإدارة والحكم، على يد المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، فتشرّب من مدرسته ومن كل مدارس الملوك الذين أتوا من بعد والده من أبنائه، رحمهم الله جميعا، فكان الملك سلمان ملكا للحزم والعزم والحكمة، أطال الله في عمره، وعُدّ بذلك مدرسة شاملة في الحكم وبعد النظر وفن السياسة، ولعل من واسع نظرته وبُعد أفقه المستقبلي، أن رأى أن يتحّمل الجيل الثالث من أحفاد المؤسس مسؤولية قيادة الوطن.
ولهذا فأعداء الوطن السعودي، حين علموا أن هذه القيادة الشابة التي بدأت تحمل مسؤولية قيادة الوطن، والمتمثلة في سمو الأمير محمد بن سلمان والأمراء الشباب الذين أسندت إليهم مهام قيادية في الدولة، على قدر من المسؤولية، وأن طموحات ولي العهد التي تعانق عنان السماء، وقد اتضحت لهم عبر المشروعات الضخمة والعناوين البارزة لرؤية السعودية 2030، ستنقل السعودية إلى مصاف الدول الكبرى، وأدركوا إصرار السعوديين نحو ذلك، الذي وصفهم الأمير محمد بن سلمان ذات مرة في إحدى مقابلاته، أنهم أخذوا من الصحراء الصبر والدهاء والقدرة على التحمل والعطاء، وأن عزيمتهم وصلابتهم تشبه جبل طويق الشامخ في وسط هضبة نجد، أصبح -الأعداء- غير قادرين على إخفاء أمانيهم بل أحلامهم، لو أن السعودية تدخل في أزمات تتلوها أزمات، كي تعرقل هذه الأحلام للقيادة الجديدة والرؤية، والرحلة نحو السعودية الجديدة، ومن راقب تلك الحملات المسعورة الموجهة ضد بلادنا التي لم يسبق لها مثيل في التعاطي مع أي قضية من القضايا العالمية، سواء «الحملات الإعلامية» التي قادتها فضائيات وصحف كشّرت عن أنياب الحقد والكراهية، كالجزيرة وفضائيات حزب اللات، والفضائيات الأجنبية والصحف التي فقدت أمانة المهنة الصحفية، كواشنطن بوست، وصباح التركية والديار اللبنانية، والصحف الصفراء الأخرى، ومرتزقة الإعلام من بيروت والدوحة ومن عمان وأنقرة وإسطنبول من مدفوعي الثمن ليكذبوا، ومن بعض العواصم التي تعرت أمامنا في هذه الأزمة، أو تلك «الحملات السياسية» التي يكررها سياسيون ونواب وبرلمانيون في تركيا تحديدا وفي واشنطن، ثبت أنها تمارس نوعا من «الابتزاز السياسي والمالي»، وأنها جميعا تعرّت وانفضحت أهدافها، وانكشفت سوءتها، فهدف تلك الحملات «السعودية الجديدة»، السعودية التي ستكون نقطة الانطلاق نحو صناعة «أوروبا الشرق الأوسط»، التي يسعى إلى تحقيقها الأمير محمد بن سلمان، ويتمناها نهضة شاملة ليست للسعودية وحدها، ولكن لكل دول العرب في هذه المنطقة، فالنظرة التي ينطلق منها محمد بن سلمان نظرة واسعة في أن تكون بلاد العرب في طليعة الدول ذات الإمكانات الاقتصادية والأمنية، التي تحقق طموحات أبنائها ببناء المشروعات التي تستوعب أحلامهم وقدراتهم، وتبني قواتهم التي تحمي مستقبلهم المشرق.
لهذا عندما يكون السؤال، لماذا نسمع ونشاهد إصرار أعداء الوطن عبر تلك الحملات الإعلامية والسياسية، على ترديد اسم الأمير محمد بن سلمان كثيرا في نشرات أخبارهم المتعلقة بمقتل جمال خاشقجي؟ ولماذا هم يكررون اسم محمد بن سلمان في أخبارهم العاجلة؟ وفي البرامج التي تستضيف مرتزقة الإعلام والسياسة؟ فسيكون الجواب واضحا أن الأمير محمد استطاع أن يبهر كل من قابل من قادة دول العالم وسياسيهم وإعلاميي تلك الدول، بما يملكه من شخصية شابة مليئة بالحيوية والنشاط، وبقدرته على قراءة المواقف الدولية السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقتنا والعالم، وبما يطرحه من أفكار ملهمة، ستصنع التطوير والتحديث المطلوب الذي سيجعل السعودية تصل إلى أهدافها بقفزات جبارة، وكلنا يعرف مشروعات كمدينة نيوم مدينة المستقبل، والجدية، ووعد الشمال وغيرها، التي تحولت إلى ورش عمل، وبما يمتاز به وهو يتحدث بلغة الأرقام، وكيف هو يعبر عن تطلعات الشباب في وطنهم، ويركز على شمولية الحديث عند الحديث عن مستقبل الوطن في كل المجالات، وإيمانه بقدرات ومواهب وتطلعات أبناء وطنه من الجنسين، وبما يحظى به من ثقة وأمل في نفوس أبناء الوطن، وبما يعكسه من تطلعاتهم حينما يتحدث إليهم، هذه السمات في الأمير محمد بن سلمان، وهذه التطلعات وهذه المصداقية فيما يقول ويفعل، وقد لمسنا ذلك أثناء حربه على الفساد والمفسدين، وهذا الحب الجارف لسموه وشعبيته عند شعبه، وقد لمسنا ذلك الحب في الجولات الملكية الأخيرة في وسط البلاد وفي شمالها، وكيف كان يحظى بالتفاف الكبار والصغار حوله، وهم يلتقطون الصور معه، ويبادلونه الحب بحب ودعوات صادقة، هذه السمات و«الكاريزما» لمحمد بن سلمان وقربه من شعبه وتواضعه، جعلت العدو في الداخل والخارج يصاب بالشلل والذعر والحقد، ولذلك فهم لم يصدقوا بجريمة مقتل خاشقجي، ليختلقوا من ورائها الاستنتاجات والتحليلات وفق هواهم وأمزجتهم، وهم يبحثون عن تلفيقات في القصة لخدمة خططهم ومؤامراتهم، إنما يهدفون من خلالها (عرقلة مشروع الوطن) عن طريق تشويه قيادته.
لكن نقول لأعداء الوطن أينما كانوا، إن الشعب السعودي في كل مناطق الوطن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه وفي وسطه، لديه الثقة الكاملة في ولاة أمره، فسلمان يسكن في قلب كل مواطن سعودي، وسمو الأمير محمد بن سلمان يحظى بدعم ومحبة وثقة كل أطياف الشعب، والشعب أخذ عهدا على نفسه أن يبقى معهم وحولهم وبهم على أن يكملوا المشوار نحو بناء الوطن «شاء أعداؤنا أم أبوا» بإذن الله، وإنهم لن ينالوا من مسيرتنا التنموية التي يقودها سمو ولي العهد، فليخرسوا ألسنتهم.