في زيارتي لمنطقة نجران، زرت جامعة نجران، وكنت بصحبة وكيل الجامعة للبحث العلمي والدراسات العليا لمقابلة مديرها الفاضل، ونحن في الطريق إليه، لفت نظري جودة مباني الجامعة وهندستها، فقلت لسعادة الوكيل للبحث العلمي أ. د محمد السلطان، إن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى كما يقول البلاغيون، وهذا فعلا هو واقع جامعة نجران ليست فقط تميزا في المباني، والبنية التحتية، بل تميز كذلك في البحث العلمي والتقني، فقد تبنت الجامعة كما رأيته في مركز الأبحاث لديها أبحاث المواد المتقدمة والنانو، التي تركز على توصيف وتصنيع المواد النانومترية المختلفة عن طريق مجموعة متنوعة من التقنيات، واستخدام تلك المواد النانومترية لتصنيع أجهزة الاستشعار والأجهزة الإلكترونية المختلفة مثل تطبيقات أجهزة الاستشعار، والمجسات الكيميائية والغازية، والمجسات الحيوية والكهروكيميائية والبصرية، إلى جانب المجسات المكونة من المواد المغناطيسية وتطبيقاتها.
وتتمثل أهمية هذا المركز -مركز الأبحاث- في التوظيف الفعال للطاقات العلمية والتجهيزات التقنية وتوجيهها نحو خدمة القضايا التنموية، وتدعيم الروابط بين مؤسسات البحث العلمي والجهات الصناعية والخدمية.
ولهذا فلا عجب أن تقفز جامعة نجران إلى مراكز متقدمة بين نظيراتها من الجامعات السعودية والعربية، حسب تصنيف QS University Ranking، في عدد الاستشهادات العلمية، حيث حصلت على المركز الثالث بين الجامعات العربية والمركز الثاني بين الجامعات السعودية.
وكم سررت وأنا أرى أبناء الوطن الشباب منهمكين في أبحاثهم الدقيقة، ويتعاملون بكفاءة عالية مع تلك الأجهزة التقنية التي وفرّتها الجامعة لإنتاج وتحليل وقياس المواد النانوية، وكانوا يشرحون لنا أعمالهم باحترافية عالية.
وقد قال الدكتور السلطان إن تكلفة إنشاء المركز تُقدّر بحوالي 40 مليون ريال سعودي، بما فيها بناء ما يسمى بالمختبر النظيف (Clean Room)، وهو المختبر الذي يتم فيه دراسة تصنيع المواد التي بحجم النانومتر، والذي يعتبر من المختبرات المتقدمة على مستوى جامعات المملكة.
وكما أن الجامعة متميزة بالأبحاث التقنية النوعية الناتجة عن تجارب المركز للمجسات الإلكترونية ووحدة المواد المتقدمة وأبحاث النانو، فقد زادت الأبحاث عن 400 بحث علمي تم نشرها في مجلات علمية عالمية مرموقة، إضافة إلى عدد من براءات الاختراع التي بعضها تم الحصول عليه والبعض الآخر في طور التسجيل، كما حصد بعض الباحثين في المركز عدة جوائز عربية وعالمية كان آخرها الحصول على الجائزة الأولى والثانية لاتحاد مجالس البحث العلمي، أقول: كما أن الجامعة متميزة في هذا المجال، فهي أيضا متميزة بالأبحاث والدراسات الشرعية، وقد ذكر فضيلة عميد كلية الشريعة أن مجموع الدارسين في الكلية من البنين والبنات نحو ألف وخمسمائة طالب وطالبة، وقد خرجت الكلية عددا من القضاة، والمحامين، والمحققين، والمدرسين، والدعاة إلى الله، فهي في خدمة المجتمع.
فما أعظم فضل دولتنا السعودية علينا بعد فضل الله تعالى، كان الملك عبدالعزيز وأبناؤه ورجاله يتعرضون للصعاب والأخطار، وينامون تحت ظل الأشجار، ليبنوا لنا كيانا عظيما اسمه «المملكة العربية السعودية»، وليجعلوا أبناء الوطن يَدْرسون ويُدرِّسون في أرقى الجامعات في وطنهم، ويتعاملون مع أحدث التقنيات، في راحة وأمن وطمأنينة، هذه نعمة عظيمة، علينا أن نشكر الله عليها، وندعو للملك عبدالعزيز وأبنائه، فقد نقلونا من الرمال والأودية ومنابت الشجر، وجعلونا في مصاف الدول المتقدمة.
وفي الختام: أشكر معالي مدير الجامعة أ. د فلاح السبيعي الذي قال نحن لا نتوقف عند إنجاز معين، ونتقبل كل مقترح وملحوظة توصلنا لما يصبو إليه ولاة أمرنا من تقدم، كما أشكر المشرف على مركز الأبحاث وكيل الجامعة للبحث العلمي والدراسات العليا على تميزه اللافت، وتشجيعه لأبنائنا الطلاب.