يُعَدّ تغيُّر المناخ، وفقدان التنوع الحيوي من أكبر التحديات البيئية في عصرنا الحالي. ينص اتفاق باريس للمناخ -المبرم عام 2015- على أن الاحترار العالمي يجب أن يكون محدودا بزيادة قدرها أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لتجنب أعظم آثار تغيُّر المناخ.

وفي دراسة بدورية «بايوساينس»، يحلل داينرستاين وزملاؤه المستوى الحالي لحماية النظم الإيكولوجية على نطاق عالمي، ويقترحون طريقة لمواجهة مشكلة فقدان التنوع الحيوي.

كانت فكرة تخصيص ما لا يقل عن نصف مساحة الأرض، بهدف الحفاظ على الطبيعة، تكتسب زخما كبيرا. وتشير دراسات مختلفة إلى أن تحقيق هذا الهدف، الذي غالبا ما يُناقَش تحت اسم «نصف الأرض»، وهو المصطلح الذي ابتكره عالِم الأحياء إي. أو. ويلسون، سيساعد في تجنب التدهور الشديد واسع النطاق في التنوع الحيوي، ومَنْع انهيار الخدمات الحيوية التي توفرها النظم الإيكولوجية، مثل احتجاز الكربون وتخزينه، وتنظيم المناخ.

تهدف الخطة التي تتبناها حاليّا «اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الحيوي» إلى حماية 17% من المناطق البرية والمياه العذبة، و10% من المناطق البحرية بحلول عام 2020.

ومن الواضح أن حجم الحفاظ على الطبيعة المطلوب لحماية «نصف الأرض» الأكبر من ذلك بكثير جعل كثيرين يتساءلون عما إذا كان تحقيق ذلك الهدف ممكنا من الأساس، أم لا، في ضوء التحويل المطرد للموائل الطبيعية.

إنّ تخصيص نصف الأرض للحفاظ على الطبيعة هو نتيجةٌ يمكن تحقيقها الآن فقط في المناطق البيئية، التي ما تزال تحتفظ بنسبة 50% على الأقل من الموائل الطبيعية. وقد كشفت تحليلاتهم أن ما يقرب من 50% من المناطق البيئية حول العالم، تمتلك الموائل الطبيعية المتبقية اللازمة لتحقيق هدف حماية نصف الأرض، وأن 12% من هذه المناطق البيئية محمية الآن بنسبة 50% على الأقل. وستحتاج المناطق البيئية التي تقل فيها الموائل الموائل المتبقية عن 50%، إلى جهود ترميم وإحياء ضخمة، لتحقيق هذا الهدف.

وعن طريق تقييم إمكان تحقيق هدف الحفاظ على نصف الأرض، ساعد داينرستاين وزملاؤه في اتخاذ الخطوة الأولى لوضع خارطة طريق، لتحقيق هذا الهدف.

وقد عرض الباحثون فكرة «صفقة عالمية من أجل الطبيعة»، تتفق الدول بموجبها على تحقيق هدف الحفاظ على نصف الأرض -حيثما أمكن ذلك- بحلول عام 2050. ومن شأن هذا الاتفاق أن يوفر نظيرا لاتفاق باريس للمناخ، يركز على التنوع الحيوي.

وما نحتاج إليه الآن هو خطة علمية واضحة، تحدد الخطوات التالية لتحويل هدف الحفاظ على نصف الأرض إلى حقيقة واقعة. ونقترح أن تتمحور هذه الخطة والأجندة العلمية حول 3 أسئلة أساسية.

من عدة نواح، يُعَد السؤال الأول هو السؤال الأساسي في بيولوجيا الحفاظ على الطبيعة، وهو: ما أهم الأماكن التي ينبغي الحفاظ عليها؟ ويجب أن تأخذ الإجابة في الاعتبار كلًّا من نطاق مشروع «نصف الأرض»، والتنوع الهائل لأهداف الحفاظ التي تجري دراستها. وكبداية، ولوقف فقدان التنوع الحيوي الوشيك، ينبغي إعطاء الأولوية للأماكن التي تأوي آخر الجماعات المتبقية من الأنواع والعينات الأخيرة من أي نوع من النظم الإيكولوجية.

ثانيا، ما نطاق التهديدات التي يتعرض لها التنوع الحيوي المحلي، وشدتها، ومسارها، وما العمليات التي تدعم تلك التهديدات؟ وللإجابة عن هذا السؤال، سيكون من الضروري أن نفهم مسبِّبات فقدان الموائل الطبيعية وتدهورها، وأن نفهم أيضا الآثار الغامضة التي قد تسبِّبها عوامل أخرى، مثل وجود أنواع غازِيَة، والإفراط في الحصاد، والأمراض، وتغيُّر المناخ، وتغيير أنظمة الحرائق. كل هذه العوامل تحدّ من جودة الموائل الطبيعية، دون التأثير بالضرورة على مساحتها.

وأخيرا، بالنسبة إلى المناطق التي يمثل التدخل فيها أولوية، ما التدابير اللازمة لضمان الحفاظ على السلامة الطبيعية لهذه المناطق؟

فعلى الرغم من أن المناطق المحمية كانت تمثل حجر الزاوية في إجراءات الحفاظ حتى الآن، فإن الأرجح أن دورها سيتضاءل في شبكة حفظ، يصل مداها إلى مستوى نصف الأرض.


 


جيمس إي. إم. واتسون، وأوسكار فِنتر