كما أن الدنيا تنفجر بالمفاجآت، ينفجر سقف مستشفى تيما بماء منهمر! تجاوبا مع نزول الأمطار، وليت هذه المفاجأة «المائية» حدثت في أحد الممرات أو في غرف الشاي المخصصة للأطباء، بل حدثت في غرفة الإنعاش!
وسأوضح قليلا لك أخي القارئ ما غرفة الإنعاش؟
قبل أن أوضح، فإني أخشى من «سباهي» أن تكون قد قرأتها غرفة «الانتعاش»، فلربما ظنتها غرفة راحة للطبيب أو أعضاء الفريق الطبي لتناول الشاي، فالتمسوا لها العذر.
في الحقيقة، إنها غرفة إنعاش لا انتعاش، وغرفة الإنعاش هي المكان الذي يوضع فيه من أصبحت روحه بين الحياة والموت، ويحاول طبيبه وممرضه إعادته للحياة، بقدرة الله، ثم بالإنعاش القلبي الرئوي وما يتبعه من صعقات كهربائية.
في هذه الغرفة، لا يوجد إلا طبيب ذو خبرة في الحالات الطارئة الحرجة أو الجراحة، هنا لا مجال للتلاعب ولا وقت للطبيب أن يضيعه أبدا، لأن حياة الدماغ هنا لا تتجاوز 5 دقائق، والدماغ «والعصب» إذا رحل رحل.
في هذه الدقائق الـ5 الغالية جدا، يحاول الفريق الطبي المنوع من أطباء وأخصائيي تمريض، انتشال هذه الروح وإعادتها بأمر ربها، وفي هذا الجو العالي الحساسية، الضيق الوقت، الغالي الثواني، تخيلوا معي أن ينفجر سقف هذه الغرفة بشلال مائي، ما الذي سيؤول إليه مصير المريض المسكين أولا؟! وكيف ستكون ردة فعل الفريق المنسجم المتكاتف جدا لإحياء روح، وفي ذهن كل منهم وهو يجاهد تعبه ويسكنه بقول الله تعالى: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».
في هذه المفاجأة «المائية»، ربما يستحضر الفريق آية أخرى «اقتربت الساعة وانشق القمر»!، ولا ألومهم إن استحضروا طوفان نوح، وربما كان المريض الذي قد يكون رحل هو أيضا، هو سفينة نوح! لكنه هنا لا يقود إلى النجاة، بل يقود المتسببين إلى حساب يوم عظيم بين يدي ربهم!، وحساب دنيوي على يد ولاة الأمر.
بعيدا عن هذا كله، وبعلامة استفهام بحجم سفينة نوح: كيف قام المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية باعتماد هذا المستشفى؟! هذا المركز السعودي «سباهي» CBAHI، والذي يعتمد في اعتماده للمنشآت الصحية على معايير الجودة والسلامة، ومدى الأمان الطبي للمنشأة، كما يقول طبعا.
والسؤال الآخر الذي ربما أؤكد إجابته بنعم، بما أن «عمود» المستشفى ورأسه «غرفة الإنعاش» تهتكت، فماذا سيكون حال الأقسام الأخرى الأقل حساسية؟!
ختاما، فإنه عندما يكون سمو ولي العهد قائد الحرب على الفساد، وعندما يكون لا يفرق -حفظه الله- بين أمير وفقير في هذا الصدد، ويقوم بحملته «الغراء» التي أرجعت إلى خزينة الدولة المليارات، فإنه من الجدير بنا أن نحذو حذوه وأن نتقن أعمالنا، وما نقدم لمجتمعنا الكريم، وهذا هو صلب رؤيتنا 2030، فما الذي حصل يا «سباهي»؟!