عانت ولا تزال تعاني مجتمعاتنا من السموم «الإخونجية» التي تدفق في دماء العرب والمسلمين، ولربما ينزعج البعض ممن ضللتهم دعوات هؤلاء من هذه المقدمة، لكنه وبعد أن يتوغل هو الآخر في مقالي سيدرك حتما ما لهذه الشرذمة من خطر على الأمتين، عربيها وإسلاميها.

فهم طائفة تلبس الإسلام كثوب لاستعطاف المجتمع، وهم من الداخل أبعد ما يكونون عن الإسلام من عدة أوجه، فمنهم من

لا يصلي أصلا، ومنهم من يستعين بالنصارى وأي قوة خارجية على أبناء شعبه ليصل إلى مصالحه كما ذكر صلاح شادي في مؤلفاته، وهم جميعا يحللون القتل والتفجير لصالح جماعتهم كما ذكر قطب.

وعندما ننظر نظرة سريعة لأحقاب التاريخ نجد أن عمل جماعة الإخوان يتلخص في جانبين: الجانب الاجتماعي التربوي والجانب السياسي العسكري.

في عام 1952 بدؤوا في مصر بمساندة حركة الضباط الأحرار للخلاص من النظام الحاكم حينئذ، وكان لهم اتصال مع بريطانيا كما ذكر صلاح شادي في «صفحات من التاريخ»، ولا عيب في التواصل ذاته إن كان لصالح المجتمعات، إلا أنهم كانوا يظهرون للمجتمع أن هؤلاء هم الكفار، وأن الملك فاروق عميل للإنجليز، هؤلاء الذين لا يجوز حتى السلام عليهم، بينما الإخوان أنفسهم هم العملاء في الحقيقة!

وبعدما ساندوا جمال عبدالناصر في ثورة 1952 عرض عليهم الأخير خيار وزارة الأوقاف أو العدل أو التعليم فرفضوها جميعا وطلبوا الحكم، كما ذكر محمود عبدالحليم في كتابه، وهذا مبدأ ينكرونه ويعملون عليه ليل نهار، فليس غير الحكم يبغون!

وبعد ذلك ولما لم ينقد عبدالناصر لمتطلباتهم رجعوا لعادتهم المقيتة وفعلوا تنظيماتهم السرية السابقة داخل الجيش ووزارة الداخلية وحتى التعليم، والتي أسقطوا بها الملك فاروق من قبل ليسقطوا عبدالناصر، فحاولوا خيانة صاحبهم! إلى أن حاولوا اغتيال عبدالناصر في حادثة المنشية الشهيرة.

وهم بالمناسبة كانوا يغتالون أي شخصية يرون من اغتيالها تقدما لمشروعهم، وكان يفتيهم حسن البنا بالجواز دون تردد! ومن الأمثلة الشهيرة الخازندار قاضي والنقراشي وغيرهم.

ودارت الأيام وانقلب عليهم صاحبهم عبدالناصر وشتتهم عندما اكتشف نواياهم في الإطاحة به، فلجؤوا إلى العديد من البلدان، من بينها السعودية، في لباس الدين، مدعين أنهم مظلومون، وقد استقبلتهم السعودية من ناحية إنسانية بحتة، لكنه

لا يثمر فيهم أي معروف!

وبعد ذلك وفي الستينات تحديدا قام سيد قطب مرة أخرى بإعادة تفعيل التنظيم السري، وكان يحث الشباب على التفجيرات، ويدعون أن هذا من أجل لا إله إلا الله، بزعمهم كما ذكر قطب في كتابه «لماذا أعدموني»، وكان الهدف من هذا التنظيم السري هو الانقلاب على الحكم كعادتهم!

بدأ الإخوان بالتواجد في السعودية على صورة فرع جدة وفرع مكة وفرع المدينة كما ذكروا في جريدة الإخوان المسلمين في ذات العام وذكرت رموزهم في ذلك العدد، لكنهم لم يستطيعوا تشكيل حزب أو جماعة واضحة، إنما بقوا «تحت الفراش»، وهذا يشبه حظهم من الخير!

ومع الأيام ولدت جماعتهم الطامعة جماعة التكفير والهجرة التي نتج عنها جماعة «جهيمان» التي كان مبدأها «ما سوانا فهو كافر»، والتي تبنت مبادئ سيد قطب كمبدأ الانفصال الشعوري ورسالة إلى الفتية المؤمنة، وأنه على كل مجموعة موجودة في كل قطر عليها القيام بالانقلاب...الخ من المبادئ «السامة»!

ثم انتهج جهيمان وأصحابه مبدأ التدخل في شؤون الناس بالإنكار باليد، وتم تبني مشروع التكفير والهجرة، وأن هناك «فسطاطين»، ومؤمنين وكفارا!

ثم بدؤوا بالمناداة بالثورة الفرنسية التي أسقطت الكنيسة، وهي عبارة عن ثورة علمانية أتت بالعملية الليبرالية بعد ذلك.

وفي عصرنا وامتدادا لهذه السلسلة المنتنة المشبوهة توجه الإخوان إلى طريق جديد، فدخلوا في تأليف الكتب وتحريف الاستدلال بالنصوص الشرعية لتخدم أهدافهم الخبيثة، مع حفاظهم على منظماتهم السرية الاجتماعية والسياسية والعسكرية، وولدوا لنا تنظيم داعش البائس الذي أظهر عواره الشرق والغرب!

قبل الختام، وبعد هذا السرد التاريخي، فلي أن أعرف هذه الجماعة بأنها جماعة أو طائفة متلونة تتحالف مع أي طرف مهما كان خبيثا، وتحرف دين الله، خصوصا في أحاديث وآيات السياسة والحكم والجهاد، وتكفّر الحكام، وتطوّع ذلك لخدمة ثوراتها وانقلاباتها، ليجهزوا المجتمع لثوراتهم حتى لا يبقى للمجتمع مرجع ديني أو حتى عقلي يردعه عن السوء، ولديهم تسويغ مزور سام لجواز قتل المدنيين، وأبحاث مضللة مفبركة في ذلك، بل ربما يظهر لك أحد أفرادها كرهه الشديد لجماعته القبيحة، وربما قتل من أفرادها، واغتال ليبرهن لك صدقه، ليصل هو في نهاية المطاف إلى تحقيق مصلحة إستراتيجية للجماعة!

ختاما فإن مرشد الإخوان مهدي عاكف يقول: «من أول يوم وأنا دعوت إلى نصرة حزب الله ورمزهم الهلباوي يقول هو الآخر: نتمنى أن تكون إيران نموذجا يحتذى به في كل شيء في العدل، في مركز الأمة، في حقوق الإنسان، بعد سقوط الأنظمة البالية»، وربما كان هذا الختام كافيا عن المقال برمته لتوضيح من هم الإخوان «أبناء إيران»، ومن هذا ومن غيره من كثير لم نذكره، صنفت هذا الجماعة بأنها إرهابية، ولعل في هذا ردا على من يتهمنا بمحاربة هذه الجماعة المقيتة، فبأي حديث بعده يؤمنون.