ظننته ضرباً من الجنون أن أتخيل حقيقة وجود المصباح السحري، وبالرغم مما كنت أظن وبينما كنت أفركه ذات اليمين وذات الشمال، إذ بذلك المارد الذي ظهر قائلاً: شبيك لبيك أمرك بين يديك. لم يتم جملته حتى قلت له: أريد أن أقود السيارة في السعودية، ولم أتم قولي هذا حتى أستحلفني بالله ثلاثاً أن أعدل عما تمنيت، ولكن لأنه مارد المصباح السحري الذي نال شرف تحقيق المعجزات عبر التاريخ, ولأنني لم أسمع مسبقاً بأن مارد ذلك المصباح يفاوض ويقدم عروضا بديلة لأمنيات الماسحين فوقه، فقد كان عليه أن يرضخ لأمنيتي. شرع المارد بالنحيب والعويل حتى ظننت أنه لن يسكت أبداً. قطعت زفرات المارد ذاك الصمت الذي خيّم بعد موجة بكائه الصاخبة ثم قال: كم هو مستغرب وعجيب ألا أوفق معكم يا معشر السعوديين في تحقيق أمانيكم والتي لا تعد سوى حقوق مسلم بها وإجراءات روتينية لضرورات يومية في أوطان أخرى، بل كم هو مخزٍ بحق أن أقول لك إن ما طلبتي من أصعب الأماني تحقيقاً، وإن تحققت فستكشف عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
سيدتي الفاضلة، يامن تظنين أنك بالقيادة ستنالين حقوقك وتنجزين واجباتك، أي جهة حكومية أو قطاع خاص سيقبل بحضورك بلا كفيلك أو كما درجت تسميته بولي أمرك أو معرفك! إن أردت العمل فلن تُقبلِي إلا بموافقته وإن أراد فصلك لن يمنعه عملك عن رغبته. في الدوائر الحكومية لا تجري معاملاتك بلا ولي الأمر، وفي المحاكم يُقابل صوتك بالصد والنهر، لن تسافري ولن تستقدمي، لن تستأجري ولن تتملكي، لن تُعرّفي عن نفسك باستخراج بطاقة أحوال إلا بولي الأمر.
ليتهم أدركوا حينما أمروا بوجود ذلك الوصي أنه لولا تعذر وجوده لما اضطرت السيدة للتواجد حيث كانت، ليتهم أيضاً أخذوا بالحسبان حال تلك الأرملة والمطلقة واليتيمة أو من تعول ولي أمرها لظروفه الصحية، ناهيك عن السيدة الخمسينية حينما تضطر إلى أخذ الموافقة من مراهق، فقط لكونها امرأة ولكونه سيصبح في يوم ما رجلا. المصيبة أنهم يعلمون والمصيبة الكبرى أنهم لا ينتهون، وتبقى حاجتك معلقة بين يدي ولي أمر من جهة، وموظف من جهة أخرى، أدعو الله لك أن يكونا بمزاج عال وأخلاق كريمة وإلا فكيف السبيل لقيادة السيارة وقد أغلقت الأبواب وتقطعت الأسباب!
استطرد المارد قائلاً: إياك والأقسام النسائية، فإنها مضيعة لوقتك واستفزاز لمشاعرك، ومكعب جديد يضاف للعبة تمرير المراجعة لمزيد من الأقسام لتختم جولتها إلى القسم الرجالي من جديد "وكأنك يا بو زيد ما غزيت".
اختتم المارد حديثه قائلاً: سيدتي، كان من الأحرى بك أن تحاربي لتقودي القرارات بدلا من العجلات، وتُسيّري الأمور لا أن يُسيّرك المرور. يؤسفني أخيرا أن أخبرك بعدم مقدرتي على تحقيق أمنيتك وذلك لأنك غير مفعلة الخدمة خارج سور منزلك أو معممة الحالة أينما تريدين، ظهورك بدون اتصال واتصالك بدون رجل محال، بحياتك يا سيدتي رجلٌ لولاه مستقبلك مفقود، إن حاولتِ السير بدونه فطريقك مسدود مسدود..