المكان.. أحد مطارات هونج كونج. الحبكة.. الدفاع عن حقوق الحيوان. البطولة.. الكندية الأميركية الممثلة باميلا أندرسون. السيناريو.. موظفة أمن شبه عارية تصور إعلاناً تجارياً تقوم خلاله بتفتيش المسافرين وتجريدهم من ملابسهم وأحزمتهم وأحذيتهم الجلدية ومعاطفهم المصنوعة من فراء وجلود الحيوانات. المؤثرات والخدع.. جرعة زائدة من الإبهار البصري وتحفيز الغرائز والشهوة الحيوانية لدى المتلقي على قارعة العفة والمتاجرة بالأخلاق والفضيلة في سبيل قضية نبيلة!.

هذه هي التتبيلة التي عودنا عليها الإعلام الغربي، والتي تسربت إلى مطربات الكليبات العربية، بحيث بتنا وبلا غرابة، نرى ونشاهد مطربة لا تجيد إلا هز الوسط، تصور لقطات في غاية الإثارة وهي تقود دراجة نارية أو تمتطي فرساً عربيا أو تقود إحدى سيارات السرعة في سباقات شوارع غير مصرح بها. أما بالنسبة لصوتها النشاز فالحل بالمؤثرات المصاحبة وصخب الموسيقى الكفيلة بالتغطية على ترهل الحبال الصوتية وعيوب مخارج الحروف والكلمات من الحنجرة.

الفارق هنا؛ أن إعلان باميلا أندرسون وعلى الرغم من أنه وليد رحم الثقافة الغربية التي تجاهر بالتحرر وتعتبر ذلك من قيمها العليا، وحرية فردية لا يمكن المساس بها، يواجه صعوبة بل معارضة ورفضاً مطلقاً لعرضه على شاشات تلفزيونية كبيرة بمطار هونج كونج الدولي، أثناء ذروة عطلات نهاية العام التي تشهد مرور ما يزيد على مائة ألف مسافر باعتباره "غير ملائم" وينافي عادات الآسيويين وأخلاق مجتمعاتهم المحافظة.

وفي مقابل ذلك، وبلا أي حرج أو شعور بوخزة ألم في ضمير منتجي كليبات هز الوسط العربي، والمسؤولين عن الفضائيات العربية. نجد كليبات لفنانات عربيات يعرضن أجسادهن بدقة تتفوق على نشرات أخبار شبكة "سي إن إن" الأميركية، بل ولا يتحرجن في عرض إيماءاتهن وإيحاءاتهن التي تستفز الكبار وتستنفر المراهقين والصغار، وهن في مخادعهن وبداخل غرف نومهن. ودائماً كما يقال: للفن رسالة عظيمة!.