لست رجلا سياسيا، ولا أجيد الكتابة السياسية ربما، لكنه من منطلق الوطنية فإنه من حقي أن أتساءل: لماذا كل هذه الهجمة الشرسة على بلدي المملكة العربية السعودية؟! ولماذا أصبح البعض-حتى مذيعي نشرات الأخبار القطرية - خبراء ومحللين سياسيين، وكأنك تتحدث مع خبراء جنائيين من الدرجة الأولى؟!
لماذا يتم التغريد باتهامات تدين المملكة، ثم ما تلبث أن تزال وتمحى كتغريدة «تويترية» في غضون 4 ساعات، وذلك بعد أن تحدث ما يراد منها من إرباك للرأي العام والشوشرة، كما فعلت وكالة الأناضول التركية؟!
ولماذا بعد ساعتين فقط من اختفاء خاشقجي -رحمه الله- بعد ساعتين فقط تبدأ الجزيرة وتنظيم الإخوان في رمي التهم الشنيعة تجاه المملكة، وكأن الأمر حقيقي، بل وكأنه نتاج تحقيقات دولية أخذت ردحا من الزمن، وبنيت على البراهين الصريحة؟! في حين أن الأمر لم يتجاوز ساعتين فقط!
والأمر الغريب، هو كيف تنشر مقاطع فيديو من السفارة والمطار، وتعطى للصحافة، في وقت لم يكن قد بدأ أي تحقيق، أو تحقق حتى من الأمر؟!
ولماذا تبث هذه الفيديوهات ويجتز منها تصوير عائلات الأشخاص السعوديين، ثم يوصفون بأنهم فريق دبلوماسي جاء للاغتيال؟
كلنا نعلم أن تركيا من ضمن الدول شبه المخترقة أمنيا، وكان بالإمكان دفع ألف دولار فقط لأجير يؤدي جريمته في شارع عام من شوارع المدينة، كما تم مع كثير من رجال الأعمال الكويتيين والأتراك أيضا.
تساؤل آخر: وهو عن قناة الأناضول، أو وكالة الأناضول، التي قالت إن المرحوم خاشقجي قد تم تقطيعه ووضعه في السيانيد ليتحلل، فأخذت نيويورك تايمز الخبر ثم تورطت، لأن الأناضول قامت بحذف الخبر، فلجأت نيويورك إلى حذف الخبر وذكرت أن الخبر تم حذفه من المصدر! فلماذا هذا التشويش والادعاء؟!
وتساؤل كبير آخر: من المعلوم أن هناك سوابق شهيرة منذ 2003 في اغتيالات سياسيين إيرانيين معارضين، ومصورين سوريين وكويتيين، بلغت 27 حالة، أبرزهم السفير الروسي في إسطنبول؛ والسؤال: لماذا لم نر كل هذه الضجة؛ فجُلّ من أحدث هذه الموجة الهوجاء حاليا كان صامتا جاثما في داره، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟!
وأمر مهم آخر، وهو أن خاشقجي لم يصف نفسه بالمعارض، في الوقت الذي يوجد غيره عشرات من المعارضين المراوحين بين المتهكمين إلى المعارضين الشرسين وربما الإرهابين، ولم تقم الحكومة السعودية بتصفية أحد منهم، على الرغم من قبحهم وما هم عليه، فكيف تصفي خاشقجي إذن؟!
كل التساؤلات السابقة تقول بصوت واحد حقيقة واضحة، توضح جيدا الكره العميق للسعودية، ويوضح أن الضجة هذه ليست وليدة اللحظة أبدا. وهدفهم من كل هذا الهرج والمرج تشويه صورة المملكة ودورها الريادي وثقلها العالمي، والتشكيك في رؤيتها الراشدة، ولا آتي بجديد إن قلت إن حكومة قطر وتنظيم الإخوان هما الرأس الأكبر وراء كل هذا مع من عاونهم وشايعهم، وهم بذلك يستخدمون قضية إنسانية بشكل غير إنساني.
قبل الختام أود الإلماح لأمرين:
أولهما: أن الحكومة التركية قد نفت أنه ليست هناك طائرات خاصة، بالتالي ليس هناك وفد دبلوماسي، كما قيل، وأن الفيديوهات قديمة تعود إلى عام 2003، وبعض من صوروا فيها قد توفوا، وكان بعضها لسعوديين سياح.
ثانيهما: أن السعودية قد دعت إلى فريق سعودي تركي للتحقيق المهني، ولم نرهم يفتحون للتحقيق بابا؟! لماذا؟!
إن من المفاجآت التي ربما تحل كثيرا من اللغز، هو أن واشنطن بوست قائدة هذه الحملة الإعلامية الهوجاء، تمتلك قطر جزءا كبيرا منها، وإذا عرف السبب بطل العجب!
ها هو الرئيس إردوغان يلقي خطابا واضحا، يدل على أنه لا علاقة للأسرة السعودية الحاكمة بهذا العمل المشين، وها هو «دافوس الصحراء» ينجح ويبهر ويتراجع كثير ممن قد أبدى انسحابا كردة فعل على هذه الموجة الإعلامية الظالمة!
ختاما؛ أتمنى أن تصل أصواتنا -كمثقفين وصحفيين وإعلاميين- إلى العالم الغربي، وأن يترجم ما نقول، وأن نغرد بلغتهم ليعلموا حقيقة الأمر، فالشارع الغربي في نظري شارع يلقنه إعلامهم الدجل، وهو شارع مسكين لا يلوي على شيء، فيتأثر بما لقن به ويثور ربما، ونحن مما يقولون بريئون، يجب أن يعلم الشرق والغرب أن المسرحية هذه محبوكة جيدا، لهزّ صورة المملكة وتحميلها أوزارا لم ترتكبها، لربما علموا.. وسيعلمون.