يتزايد الطلب على خدمات الإنترنت والنطاق العريض يوميا مدفوعا بالاستخدام الكثيف لتطبيقات الشبكات الاجتماعية، وتحميل مقاطع الفيديو والألعاب، ويسعى مستخدمو الإنترنت في السعودية إلى الحصول على سرعات أعلى وحزم أكبر مما يؤدي إلى زيادة حركة البيانات على الشبكات المتنقلة والثابتة، وهو ما دعا شركات الاتصالات المقدمة لخدمات الإنترنت إلى فرض ما يُسمى بسياسة الاستخدام العادل. تتلخص سياسة الاستخدام العادل في كبح مستخدمي الإنترنت الشّرِهين عن استهلاك البيانات حتى ولو كانوا مشتركين في باقات مفتوحة. رغم ذلك، من المتوقع أن يستمر الطلب على خدمات الإنترنت في الزيادة خلال السنوات القادمة كنتيجة طبيعية لازدياد المحتوى، ونمو الخدمات المقدمة عبر الإنترنت، وكذلك استمرار انتشار الأجهزة الذكية المحمولة وتطبيقاتها. الواقع أن المجتمع السعودي أصبح اليوم رقميا بامتياز، فمعظم الخدمات الحكومية يتم تقديمها عبر الإنترنت، وعالم المال والأعمال يعتمد التقنيات الحديثة في معظم تعاملاته، والأفراد أصبحوا يتواصلون وينجزون أعمالهم ويزدادون معرفة عن طريق استخدام الفضاء السيبراني وموارده الهائلة. لكن هذا الفضاء المفيد جدا فيه عيب لا سبيل للخلاص منه، إنه عُرضة للاختراق والعبث عن طريق استغلال الثغرات التقنية، وتدني مستوى الوعي بطرق التعامل الآمن مع تقنيات الفضاء السيبراني. إمكانات الوصول غير المحدودة لشبكة الإنترنت أتاحت للجهات التخريبية من منظمات وأفراد ثغرات ونقاط ضعف تمكنهم من الوصول إلى بيانات الأفراد والشركات والجهات الحكومية، وتشويهها أو تدميرها أو سرقتها والمساومة عليها. المطمئن أن هذه المخاطر التي تكتنف استخدامنا لشبكة الإنترنت لا تشكل هاجسا للمملكة العربية السعودية وحدها، فجميع دول العالم بلا استثناء تواجه تحديات الأمن السيبراني وتتعرض لهجمات إلكترونية متنامية، وتتبادل الحكومات التحذيرات والخبرات في سبيل تأمين الفضاء الإلكتروني. الخلاصة أن الأمن السيبراني ضرورة ملحة في الوقت الراهن، وستزيد الحاجة إليه بمرور الوقت، فكل يوم ترتبط أعداد هائلة من الأجهزة بشبكة الإنترنت، وكل جهاز جديد ينضم إلى الفضاء السيبراني يمكن أن يتعرض لمخاطر الهجمات السيبرانية بنسبة تزيد وتنقص حسب الإجراءات والتقنيات المستخدمة لتأمينه، لكنه بلا شك لن يصل إلى مرحلة الأمن المطلق، فخطورة الفضاء السيبراني أنه يمكن أن يتم من خلاله الإضرار بمصالح حيوية جدا دون الحاجة للتماسّ الجغرافي بين المهاجم والضحية (إضرار عن بُعد ودون ترك أثر مادي يُدين المهاجم)، كما أن الاختراقات الإلكترونية أصبحت أسهل وتكلفتها بالنسبة للمهاجم تنخفض يوما بعد يوم.