تنثر كاتبة الزميلة ـ الشرق الأوسط ـ أستاذة العلوم بجامعة الملك سعود، الدكتورة أمل الهزاني تجربتها مع جامعتها بما يستحق الإعجاب. قبل ثلاث سنوات كانت أمل الهزاني ورفيقات مختبرها يتسولن مشافي الرياض من أجل تحليل نتائج الأبحاث وعيناتها البيولوجية والكيميائية. وصيف العام الماضي، أتيح لأمل الهزاني أن تذهب بالتعاون الجامعي الدولي إلى جامعة أميركية، وأن تتبادل نتائج البحث مع ذات زميلات المختبر وهن في الصين وبريطانيا على ذات البرامج التي أتاحتها الجامعة. والمبدأ أن لا نشيد بجامعة الملك سعود على كل ما يحدث، بل أن نجلدها ونلومها لو أن كل ذلك لم يحدث. لا بد لها أن تقبل سياط النقد لو أنها تخلت عن دورها في قيادة وتحفيز بقية السلسلة.
اليوم تقف جامعة الملك سعود بلغة الأرقام الثابتة على أي من محركات البحث. تستأثر جامعة الملك سعود بنصف مخرجات البحث العلمي الذي أنتجته 25 جامعة سعودية مختلفة، وفي كلية العلوم وحدها، حيث تعمل أمل الهزاني، كما أظن. أخرجت هذه الكلية أربعة أضعاف البحث العلمي الوطني مجتمعاً، مثلما أنتجت وحدها أيضاً ضعف كل الأبحاث التي أنتجتها جامعة القاهرة، أقدم الجامعات العربية، وحيث عدد أساتذة العلوم وحدها هناك هو ضعف عدد الأساتذة السعوديين في أكبر جامعة سعودية. ومرة أخرى، إنها البيئة، وفي مثل هذه الظروف فإن جامعة الملك سعود يجب أن تحاسب لو أنها لم تحصد هذه الأرقام المثيرة للغيرة مثلما هي مثيرة للجدل. الصحيح أننا لن نشكر جامعة الملك سعود لأنها اليوم نصف البحث العلمي الجامعي، فهذا هو دورها بالضبط. الأصح من هذا أن نسأل بقية الجامعات مجتمعة لماذا اكتفت كلها أن تكون مجرد النصف. وأنا هنا لا أحمل الجامعات الناشئة هذه المسؤولية ولكنني أرفع سؤالي لكل جامعات الطابور القديم التي يحتفل سوادها الأغلب بيوبيله الفضي أو الذهبي ولكن على منتج بحثي من النحاس والخزف. ومرة أخيرة، عودوا لتجربة أمل الهزاني في مقالها المدهش ما قبل الأمس: إنها تتحدث عن مجرد ثلاث سنوات تبدلت فيها كل معالم التجربة. ثلاث سنوات قد تبرهن أن سنة واحدة من العمل قد تختصر عقداً من الزمن وثلاث سنين قد تختصر ثلث قرن. وللأسف الشديد، فإن عمر بعض جامعاتنا نصف قرن من السنين وكل سنة مجرد دبلجة لسنة فائتة.