نظام قطر يسعى بكل ما أوتي من سوء للعدوان على شعب المملكة العربية السعودية وقادتها، وتواصى مع شياطين الإنس لتقسيم المملكة العربية السعودية، كما سمع الناس ذلك منهم مسجلا، ونشرته الفضائيات.
أيُعقَل يا أهل العقول والحجى: أن يتضامن هذا النظام الحاقد على المملكة وشعبها وقيادتها، مع مواطن سعودي اسمه جمال خاشقجي؟
أليس جمال هو أحد أفراد هذه المملكة العربية السعودية التي يريد لها النظام القطري التقسيم والإسقاط والزوال؟
إن جمال خاشقجي مواطن سعودي نحن أحق به، وأحرص عليه، وأنصح له من نظام قطر، ونتمنى له الخير والسلامة، والدولة السعودية حريصة على مواطنيها، حتى من زلّت به القدم، وفعل ما لا ينبغي.
ولكن نظام قطر كالوزغ ينفخ في هذه القضية، لا حبّاً في جمال خاشقجي، ولكن تتميما لهدفه الذي يسعى له منذ عشرين عاما، وهو الإساءة للمملكة العربية السعودية، وما حديثهم وتباكيهم على جمال إلا وسيلة لتحقيق مآربهم الخبيثة، هذا أمر معلوم يعرفه الصبيان، فضلا عن أهل الرأي والعلم والسياسة.
وأنا هنا لا أقفو ما ليس لي به علم بشأن اختفاء جمال خاشقجي، لأن التحقيقات لم تظهر، وإنما الذي ظهر مع الأسف هو الأكاذيب والشائعات الصادرة من نظام قطر وقناتهم الشريرة، وقد قال الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)، والمسلك الشرعي فيما أعلم هو رد هذه الأمور إلى ولاة الأمور، وليس إذاعتها دون علم، والدليل على هذا قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى? أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)، ففي هذه الآية -كما يقول السعدي في تفسيره- تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك، ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لا فيحجم عنه؟
إن نظام قطر طغى وبغى، وابتغى الفتنة، وصار يختلق الأكاذيب، ويقلب الأمور رغبة في الإفساد، تماما كمن أخبر الله عنهم بقوله: (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى? جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُون)، وقد جرت سنة الله تعالى أنه (لا يصلح عمل المفسدين)، وأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، كما قال تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا).
ولهذا فكل ما يفعله نظام قطر وقناتهم من كذب واختلاقات فهو زبدٌ سيذهب جُفاء، وإن أنفقوا أموالا في هذا السبيل فهي حسرة عليهم، كما هي حسرة على كل من ينفق ماله ليصد عن الحق والتوحيد وسبيل الله، قال تعالى (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُون).