دخل جمال القنصلية ولم يخرج!
لا.. لا.. خرج جمال ولكن لم يُعثر عليه!
لا.. لا.. هو قُتل وأُخفيت جثته!!
اختفى جمال! قُتل جمال! قُطعت أوصاله! صُوّرت مشاهد قتله!
السعودية لا تحتمل الرأي المعارض! و تسجن كل من يعارضها!!
كل هذه الكلمات والاتهامات المتناقضة تتقاذف أمام وجهك وتدعو عليك بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتتوعدك بالقصاص والخلود في نار الجحيم مع الظلمة والطغاة، فقط إن طلبت التعقل والهدوء وتساءلت عن أدلة لهذه التهم التي تُرمى جزافا في وسائل الإعلام!!
مواطن سعودي «اختفى» في دولة ما، وربما كان اختفاؤه بإرادته لسبب من الأسباب -فليس هناك أي دليل على أن اختفاءه كان قسريا-، ثم تتهم بلاده التي تركها طوعا، والتي تبعد عن مكان اختفائه آلاف الكيلومترات، أنها خلف هذا الاختفاء، وأنها دبرت مقتله! اتهامات دون أدلة منطقية أو ملموسة!! اتهامات وتلفيقات لا تمت للإنسانية بصلة، لا يدرك من أطلقها آثارها المدمرة على أهله وذويه!!
اتهامات لا يصدق فيها إلا أنها واقعة يراد لها أن تكون كقميص عثمان!!
لا شاهد في الموضوع إلا «خطيبة» مزعومة، ليس هناك شاهد على أنها خطيبته، وعلى صدق أقوالها، إلا هي نفسها!!
خطيبة لا يعلم عنها الأهل شيئا!! خطيبة لا تعرف تاريخ مولد خطيبها، ولست هنا أتكئ على التاريخ السعودي الموحد لولادة كل السعوديين قبل ضبط تواريخ الولادة حديثا، إنما أتكلم عن تغريدة للسيد جمال خاشقجي ذاته في حسابه يتحدث فيها عن تاريخ مولده ومفاجأة زوجته له بهدية فيه، وهو تاريخ يختلف عما أوردته الخطيبة المزعومة!!!.
خطيبة لا تملك صورة واحدة فقط لها تجمعها مع خطيبها المزعوم الذي تحرص على تصوير نفسها معه في علاقة حب وغرام، سوى صورة ملفقة أُثبت أنها مزورة عبر برنامج الفوتوشوب!!
خطيبة معلوم تعاونها مع المخابرات التركية، وهناك قرائن على أيد لها في محاولة توتير العلاقة العمانية الخليجية!!
خطيبة انتشرت تغريدات لها وهي تحاول خطبة ود كثير من رجالات السياسة والإعلام ورؤوس وأعلام حزب الإخوان الإرهابي!!
خطيبة ظهرت فجأة من العدم.. كل مؤهلاتها كلمات ادعت لنفسها فيها صلة القربى مع المختفي، ومع ذلك اُعتبرت مصدَّقة وكأنها نبية، ونُسج الكثير والكثير من قصص التآمر والدراما على كلماتها!!
ثم تنتشر الكذبة ونقيضتها، تنتشر الإشاعات على لسان صحف ووكالات أنباء، ولا يلبث أن يأتي بيان كذب تلك الإشاعات واحدة تلو الأخرى، ومحاولتها الاصطياد في الماء العكر. تتبادل وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية المزعومة بينها الدعوات العلنية والتهييج لجعل ذلك حصان طروادة الذي يمتطونه للهجوم على هذا الوطن وحرق كل مكتسباته الحضارية، وإنجازاته، بزعم دفاعهم عن الإنسانية والحقوق!
أين المنطق في دفاعهم الكاذب والمحموم هذا، وهم هم أنفسهم من يتغافل عن حقوق كثيرة مسلوبة بشكل حقيقي واضح علني، حول العالم ومظالم كثيرة فيه ودماء مهدرة قد روت أراضي كثيرة؟ وهم إن انتفضوا لأجلها فلا يكون ذلك إلا بمجرد بيان شجب يصدر على استحياء، لذرّ الرماد في العيون.
ومع ذلك يتهافتون بشراسة للدفاع عن مسرحية كاذبة جلية الأهداف سيئة الحبكة!!
ثم بعد ذلك يقال «هذا الشعب مضحوك عليه ويصدق حكومته بسذاجة»!! هل الوعي والمطالبة بأدلة على ما يقال ويُنشر عبر وسائل الإعلام، هو السذاجة!!
هل استحضار ما قامت به بعض القنوات والدويلات والأحزاب المعروفين بتآمرهم حول السلام والاستقرار في المنطقة، وحول المملكة بشكل خاص، في دول أخرى وحالات أخرى، في أوقات سابقة، والحذر من الوقوع في براثن مؤامراتهم: هو السذاجة!!
لقد ولّى زمن تلك الشعوب التي كانت قديما ترخي آذانها مع وكالات الأنباء الأجنبية -كما كان سابقا والالتفاف حول المذياع لسماع أخبار البي بي سي البريطانية أو أخبار مونت كارلو الفرنسية-، ثم تصدق كل ما يقال فيها وكأنه قرآن منزل من رب العالمين، اعتقادا منهم بمصداقيتها، وظنا منهم أن الإعلام دوما وأبدا شريف «يستحي» من الكذب على رؤوس الأشهاد.
«اكذِب ثم اكذِب ثم اكذِب، حتى تصدّق كذبتك»، هو ما ينطبق على هؤلاء المأجورين. بل هم يكذبون ويملكون من الوقاحة ما يجعلهم لا يكتفون بالكذب والدفاع عن كذبتهم، بل ويتجاوزونها إلى رمي كل من يكذّبهم أو يحاججهم بالكذب والعمالة والعبودية والانقياد!!
تولى أعوان ابن سبأ اليهودي تلطيخ قميص عثمان بالدم ونشره بزعم طلب ثأره من قتلته، وهم قاتِلوه! وصارت الفتنة بين أكابر الصحابة، واليوم يروجون لقصة قتل جمال -التي لم تثبت حتى الآن- ويتباكون بزعم الحمية وحق حرية الرأي وحرمة الدماء و..و...وطلبا للفتنة.. هو أمرٌ دُبّر بليل، وهم ابن سبأ هذا الزمان فاحذرهم.
إن من محاسن هذه الواقعة «واقعة اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي» والتي لم تُحَل حتى الآن، أنها أسقطت كثيرا من الأقنعة، وجعلت كثيرا يتهاوى في حقده وحسده. من محاسن هذه الواقعة أن أوضحت للشعب السعودي كم هو محظوظ بهذه القيادة الحكيمة التي تنهج السياسة الأخلاقية في تعاملاتها الدبلوماسية كما هو في كل تعاملاتها، وتنهج سياسة الحكمة في تعاطيها مع كل الأحداث، فلم تقع في فخ المهاترات الإعلامية الذي أرادوا جرها إليه.
هذه السياسة الأخلاقية في الدبلوماسية لا يعرفها الكثيرون، لذا تجدهم يوغلون في خيالاتهم المبنية على ظنهم في أنفسهم، فيكيلون لها التهم.
لم تلجأ المملكة يوما لمتاهات الغدر والقتل لتصفية حساباتها مع أعدائها، أو معارضيها ومنتقديها، وها هم بعض الشتامين ممن هم محسوبون على وطننا في جنسيتهم، يتصايحون مذ سنين وسنين ضد البلاد وحكومتها ويحرضون عليها، فلم تحاول المملكة إسكاتهم بطرق الغدر والاغتيال.
وها هم بعض المعارضين أو حتى ممن سلكوا الطرق غير القويمة وصاروا إرهابيين ضد وطنهم، لا يجدون إلا التفهم والاحتواء والتقبل من جديد بعد عودتهم تائبين نادمين.
المملكة تُسكِت خصومها ومعارضيها بأربع طرق ولغات لا غير: لغة الحقائق والأرقام والعمل المستمر في سبيل النهضة، اللغة الأخلاقية في التعامل والتجاهل للسفهاء، لغة القانون مع المتطاولين والخونة، لغة الغفران للتائبين المصلحين.
ويستمر سيل الاتهامات، ويستمر سيل الأكاذيب الملفقة، ويستمر معه هياج المأجورين والموتورين، ويستمر قذف السعودية حكاما وشعبا بأقذع الكلمات، لكن أيضا يستمر تساقط الأقنعة، ويستمر الشعب الواعي في ثقته بحكومته، ويستمر الشعب الواعي في ترقيه ونهضته، ولا يلتفت لكل هذا الهراء.. فمن يريد العمل بجد لأجل نهضة وطنه لن يضيع وقته مع ترهات مَن يحاولون تعطيله عن المضي قدما نحو المستقبل.
القافلة تمضي، و... «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».
خاتمة: إلى أن تظهر الحقائق بعيدا عن كل هذه الترهات، فإني كمواطنة سعودية أشعر بالثقة في حكومة بلادي وبالفخر بتعاطيها مع الأحداث حتى الآن، وبالفخر مع كل مواطن سعودي أو عربي، واعٍ لم يُسلِم عقله لهذا الكذب المتواصل، وشريف لم يخط قلمه شهادة زور تنمّ عن حقد ضد هذا الوطن. وبعد تكشّف الحقائق حول واقعة اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي، الذي أتوقع أن يكون قريبا، بأخبار تحمل الخير -بإذن الله- للوطن ولأهله، وستكون ساحقة لكل عدو، بإذن الله، فإني أرفع طلبا باسمي واعتباري مواطنة سعودية، لحكومة بلادي، لمقاضاة كل الأقلام المأجورة والقنوات أو الدول والحكومات، الذين تطاولوا ضد هذا الوطن قيادة وشعبا.. أطالب برد اعتبار لنا كلنا.. فالسعودية ليست «جدارا واطئا» لراغبي الشهرة البائسة الموهومة!!