تناقلت وسائل الإعلام العالمية قبل أيام خبر اعتذار وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد عن حضورهما لمؤتمر مستقبل الاستثمار لعام 2018 الذي ينعقد في الرياض من 23 إلى 25 أكتوبر. وفي المقابل وبالتحديد يوم السبت الماضي جاء خبر تأكيد هذه الشخصيات حضورهما للمؤتمر، لينفيا هذه الأخبار المغلوطة والأكاذيب. في الحقيقة ليست هي المرة الأولى التي أطالب فيها أنا وغيري من الكتاب والإعلاميين بإنشاء هيئة علاقات عامة وطنية تعمل على تعزيز الصورة الذهنية للمملكة وإدارة الأزمات والتسويق لسمعتها ومكانتها، إقليميا وعالميا، وترسيخ احترامها بين الشعوب وصناعة هوية متكاملة للدولة، يتولاها مجموعة من الخبراء والأكاديميين والممارسين في مجال العلاقات العامة والإعلام. الولايات المتحدة الأميركية مثلا بولاياتها الخمسين لديها فريق عمل مستقل بالعلاقات العامة متخصص في إدارة الأزمات والتسويق لثقافة أميركا، علما بأن كل المنظمات والمؤسسات الحكومية والخاصة هناك لديها إدارة علاقات عامة وتسويق، وجميعها تتعاون فيما بينها، لكن ذلك لم يناف أبدا إسناد مؤسسة مستقلة بالعلاقات العامة الأميركية.
هذه القناعة لم تأت من فراغ، فمع وجود الأزمات تأتي أهمية هذه المؤسسة، فنجد مثلا كان وزير الخارجية الأميركي الأسبق يصرح أمام مجلس الشيوخ الخامس والعشرين في عام 1996 بأن العالم قد شهد في خمس سنوات فقط سبعا وأربعين أزمة دولية. نحن هنا لا نتحدث عن الدفاع لمجرد الدفاع، فهذا قد يؤدي إلى نتيجة عكسية لصورتنا الذهنية، نحن هنا نتحدث عن مهارة فائقة في الدفاع من خلال إستراتيجية إدارة الأزمات بشكل مهني واحترافي. وهذا من شأنه يكرس الصحافة المتخصصة، فعند وجود أزمات سياسية نجد أن الكتاب المتخصصين في الشأن السياسي هم الذين سيقومون بالنقد والتحليل الموضوعي، وهم من سيبرهنونها بالأدلة والحجج الدامغة التي من شأنها التأثير على الرأي العام.
عودة مرة أخرى إلى هيئة العلاقات العامة المقترحة التي تكون مهامها واختصاصها على النحو الآتي:
-1 العمل على رسم صورة ذهنية جيدة للمملكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، من خلال رسم خطة للعلاقات العامة وتنفيذها مع جميع أجهزة الدولة ذات العلاقة.
-2 تحديد رسائل اتصالية بشكل دوري في جميع المجالات، وتمريرها لكل وسائل الإعلام المحلية لخلق صورة ذهنية إيجابية عن الوطن.
-3 صناعة محتويات إعلامية إيجابية عن المملكة ذات هويات متنوعة وتدويرها لمكتبات العالم التلفزيونية والرقمية.
-4 إنشاء مجلس محلي للمراسلين الأجانب وتزويدهم بكل احتياجاتهم.
-5 تقييم الرسائل الاتصالية لكبار موظفي الدولة التي تتم في الحوارات التلفزيونية والمؤتمرات والتصريحات الصحفية.
-6 إقامة الفعاليات الداخلية والخارجية التي تعمل كمنصات اتصال لتمرير الرسائل الوطنية.
-7 التحليل والرصد المستمر للمحتوى الإعلامي في الصحافة الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي الرد يكون احترافيا من قبل مسؤولين وخبراء من العلاقات العامة.
8 - الإشراف على المؤتمرات الصحفية الحكومية، والتأكد أنها تحمل رسائل إيجابية للمواطن والعالم.
-9 مواجهة الحملات في وسائل التواصل التي تهدد السلم الاجتماعي.
-10 عمل دراسات مسحية عن سلوك الجمهور المحلي وتوفيرها للمستثمرين الأجانب.
أخيرا أقول: من الأهمية بمكان الإسراع بإنشاء هذه المؤسسة المتخصصة في العلاقات العامة والتسويق وإدارة الأزمات، فإذا لم نسرع في صناعة السمعة للمملكة فهناك من سيصنعها لنا، وهذا ما لا نريده.