في النظام التعليمي الغربي لا يوجد نصاب لا يتجاوز 24 حصة للمعلم، ففي المرحلة الابتدائية يبقى المعلم طوال اليوم المدرسي مع مساعده في الفصل ويغادر مع طلابه، وفي المرحلة الثانوية هو في مختبر أو ملعب أو مكتبة أو فصل لحصص تصل لرقم 50 أسبوعيا، لذا عندما يشار إلى غرف المعلمين في البحث العلمي يقرن عادة بخمس دقائق راحة، ورغم ذلك حظيت باهتمام بالغ من الباحثين لعظم أثرها على ثقافة المعلم ونظرته لمهنته.

في السعودية نصاب المعلم يصل لـ24 في يوم دراسي هو الأقصر عالميا، وهناك نسبة كبيرة من المعلمين لا يتجاوز نصابه ساعتين في اليوم، أي أن هناك ساعات طويلة يقضيها داخل غرف المعلمين، ومع ذلك يقل النقاش حول هذه الغرف على حد علمي وتأثير تأثيثه على الاعتبارات والصورة الذهنية التي يرسمها المعلم عن دوره ووظيفته.

يرى الكثير من الباحثين أن تأثيث غرف المعلمين جيدا يعطي المعلم انطباعا جيدا عن مدى تقدير المدرسة لدوره ويرفع

من روحه المعنوية، بمعنى أن المعلم الذي يكتشف في اليوم الأول لدوامه أن عليه خوض حرب للحصول على مكتبه الخاص أو أنه مضطر لسحب كرسي ومجالسة زميل كريم مكتبه، سيشعر في قرارة نفسه أنه غير ذي أهمية داخل المكان الذي يفترض أن يعمل فيه بكل طاقة روحه ومعنوياته.

كذلك غرفة المعلمين التي توفر كنبة للاستلقاء وطاولة طعام ومكانا للقهوة والحلى، ولا توجد بها أجهزة كمبيوتر وطابعات تعطي إيحاء للمعلم أن الساعات التي لا يعمل فيها هي ساعات راحة وليست عملا، رغم أنه في يوم عمل حتى لو كان الجدول يشير لتفرغه، وأعتقد أن هذه أكبر قضية تواجه المعلم السعودي، وهي السبب في التأثير السلبي على عطائه، ولو سألت أي معلم تعرفه عن الوقت الذي ليس لديه حصة فيه لأخبرك أنه وقت راحته، وهو في الواقع ليس وقت راحة، فوقت راحته هو وقت الفسحة وغيره هو الوقت الذي يفترض فيه أن يكون ساعات مكتبية تستغل وتنظم جيدا، لكن البيئة لا تشجع على ذلك لأنها ليست بيئة عمل، بل بيئة غرف المعيشة، لكن ينقصها التلفزيون.