في 15 سبتمبر الحالي، أدلى أعضاء مجلس النواب العراقي باقتراع سرِّي لانتخاب رئيس جديد للبرلمان ونائبين له. وحصل السياسي السُني ومحافظ الأنبار سابقا محمد الحلبوسي على 169 صوتا من أصل 298، فتغلب على منافسه المعروف جيدا، وزير الدفاع السابق خالد العبيدي.

وفي أعقاب هذا التصويت بدأت عقارب الساعة الدستورية العراقية تتحرك قبل أن تنتهي المهلة الزمنية المحددة لتشكيل الحكومة المقبلة التي أمدها 90 يوما. على مجلس النواب أن ينتخب الآن رئيساً للبلاد بحلول نهاية سبتمبر. ثم يدعو الرئيس الجديد الكتلة البرلمانية الأكبر لتسمية رئيس الوزراء وتشكيل حكومة. ويجب أن تكتمل جميع هذه الخطوات بحلول منتصف نوفمبر المقبل إذا سارت الأمور على النحو المخطط له، ولكن هناك مضاعفات مختلفة بدأت تبرز بالفعل.

ووسط العلاقات المحتدمة وراء الكواليس، برزت تداعيات الاحتجاجات الشعبية وأعمال العنف في البصرة. وقد أثار ذلك تدخلا نادرا من جانب رجل الدين الشيعي علي السيستاني، الذي يبدو أن تحذيراته الخاصة والعامة حول رئاسة الحكومة المقبلة قد أنهت فرص العبادي في ضمان فترة ولاية أخرى.

وعلى الرغم من أن الأحزاب السُنيّة كانت توجِّه أنظارها نحو الرئاسة، إلا أن التقاليد السياسية العراقية لا تزال قائمة: فسيقود البلاد ثانية رئيس مجلس نواب سُني ورئيس جمهورية كردي ورئيس وزراء شيعي. إلا أن الخطوة المتوسطة ستكون معقَّدة، لأن الأكراد منقسمون جدا. فقد جاء الرئيسان الكرديان السابقان في العراق من «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الذي يريد الاحتفاظ بالمنصب. غير أن خصمه «الحزب الديمقراطي الكردستاني» يطالب بالرئاسة لمرشَّحٍ خاص به ما زال عليه أن يعينه، معتبرا أنه فاز بعدد أكبر من المقاعد (26 مقابل 18 لصالح «الاتحاد الوطني الكردستاني») ويستحق فرصة عادلة لأن «الاتحاد الوطني الكردستاني» شغل هذا المنصب منذ عام 2006.

 ومن المؤكد أن مثل هذا الانقسام الصريح بين الأكراد سيضع ضغوطاً جديدة على الاتفاق السياسي الذي مكّن الأحزاب العربية من الالتفاف حول قائمة من قادة مجلس النواب. وسيواجه البرلمانيون الجدد خيار التصويت كما يشاؤون أو يبقون منضبطين بما فيه الكفاية لمتابعة قادة كُتلهم والصفقات التي عقدوها.

بينما كان العديد من الجهات الأجنبية يشارك بنشاط في تشكيل الحكومات العراقية السابقة، إلا أن اثنين فقط أقحما أنفسهما هذه المرة في العملية، وهما: إيران والولايات المتحدة. وتبقى المنافسة المحتدمة على النفوذ غير متوازنة في الوقت الحالي، مع ترجيح كفَّة الميزان لصالح طهران نظرا إلى عدتها القسرية وموقعها القريب واستعدادها لتأدية دور مُنفِّذ سياسة الصفقات العراقية. أما مصالح الولايات المتحدة في العراق فلم تتغير وهي: إنشاء بلد مستقل ومستقر، وإعادة دمجه بين دول الجوار، وجعله قادرا على الدفاع عن نفسه في وجه التطرف المتصاعد مجدّدا وغيره من التهديدات، ومستعدا للحفاظ على علاقات عسكرية واقتصادية وديّة مع أميركا. ومع ذلك، قد يترتب على واشنطن إعادة التفكير في مقاربتها - أو على الأقل تغيير كيفية النظر إلى مقاربتها - من أجل تحقيق هذه الأهداف.

 


باربارا أ. ليف*            

* مساعد وزيرة الخارجية الأميركي لشؤون العراق في الفترة 2011-2013 – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط) - الأميركي