ذكرى خالدة ومناسبة عظيمة، لا تمر دون أن نستشعر كمية الحب والبهجة التي تغشى قلوبنا بمجرد أن تتهلل علينا من بعيد، هي ذكرى انبثاق الفجر المنير على هذه الصحراء المترامية الأطراف، لتتحد الأجزاء وتلتحم تحت راية واحدة وملك واحد، وتنطلق مملكة الحب السلام (المملكة العربية السعودية) ويبقى ذلك اليوم الذكرى الأروع في تاريخ الجزيرة العربية أنه (اليوم الوطني) تاريخنا الحافل وحاضرنا الجميل ومستقبلنا المشرق، بإذن الله، واحتفاؤنا بهذه المناسبة ليس للتخليد فقط، وإنما هو الفرصة التي يعبر فيها المواطن بحرية عن حبه لوطنه، والذي قد لا يجد الطريقة أو المناسبة التي تعطيه تلك المساحة من الحرية للتعبير.
لذلك نرى اللوحات الجميلة التي يرسمها بنات وأبناء الوطن في الاحتفال بهذا اليوم، ليس بالتعبير اللوني والرسم بالفرشاة، ولكن في كمية البهجة الطاغية التي تظهر في احتفاليات جميلة تتمازج فيها مختلف الفنون، تشكيل وغناء وعروض مسرحية تجسد تضحيات الأجداد وبطولاتهم التي خاضوها لننعم نحن الآن بالأمن والرخاء، وإذا كانت هذه تضحياتهم فالأبناء ساروا على نهجهم وحافظوا على الأمانة، ولم يتركوا الفرصة لعدو أو طامع في هذه الأرض أن ينال شبرا من ترابها الطاهر، وهاهم الآن يقفون صفا واحدا خلف قيادتهم الوفية، مدافعين عن حياض الوطن ضد قوى البغي والعدوان، والتي -بعون الله- ثم بهمة الأبطال سوف تندحر خائبة خاسرة مهما طال عدوانها، ومهما ظلت تتكئ على الأنظمة الإرهابية التي تدعمها بغية النيل من المملكة، إلا أنه سيأتي اليوم الذي تتهاوى فيه تلك التنظيمات، وينكشف خبثها أمام العالم لأن قوى الإرهاب حتى وإن تمددت وزاد نفوذها لا بد أن تتداعى وتنتهي.
وواقع الحال يثبت ذلك، فكم هي الجماعات الإرهابية التي تبنتها ودعمتها تلك الدول المريضة بالحقد والضغينة ضد المملكة، وتشتت شملها في النهاية ليقتل منها من قتل ويتشرد البعض الآخر، ليجد نفسه مطاردا من الدول المحاربة للإرهاب، وقد تخلت عنه الدول التي دعمته وشجعته بالأمس، وإن كانت تلك المواقف تكشف خبث النوايا، إلا أنها في النهاية جعلت الصورة تبدو واضحة وجلية لنا، لنعلم كم خدعنا في البعض، وكم أضنانا حمل ألوية الأخوة والعروبة والسلام تجاه مجموعات ودول كثيرة لم تكن تستحق ما قدم لها، لكن كل ما انكشف لم يزدنا إلا قوة وتماسكا والتفافا، وها هي المملكة العربية السعودية تدخل مرحلة التغيير قوية واثقة يقف خلفها قيادة وشعب مخلصون أوفياء، يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيل أن تبقى شامخة حاضنة وحامية لبيت الله الحرام ومسجد نبيه الكريم -عليه أفضل الصلاة والسلام-، والمقدسات الإسلامية التي حباها الله بنعمة حمايتها ومن يأتي إليها حاجا أو زائرا، هي بلاد الحرمين الشريفين، وقادتها بذلوا أنفسهم خداما مخلصين لهما، وهذا الطهر والنقاء لها وحدها لتتفرد بهذا الفضل عن غيرها من بقاع الدنيا، ويحق لأبنائها الفخر والاعتزاز بهذا الوطن والاحتفاء به وبما يليق بذكرى توحيده، وما هو واضح من خلال البرامج المعلنة أن هناك استعدادات كبيرة ومن كافة القطاعات ليكون ذلك اليوم وما بعده وقبله مناسبة عظيمة للفرح والبهجة والتلاحم والإخاء بين أبنائه ومن يشاركهم الإقامة فيه من دول العالم كافة، ويستحق الشكر والعرفان على ذلك قادتنا المخلصون الذين نزف لهم التهنئة بهذا اليوم، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده المجدد وصاحب المجد، وحكومتهما الرشيدة، وحماة الوطن وجنوده الأشاوس، وجميع المواطنين داخل الوطن وخارجه، وسلمت يا وطني يا وطن الحب والسلام.