حب الوطن «المملكة العربية السعودية» والقيادة «آل سعود» متلازمان، فالحديث عن الوطن بمناطقه وسهوله وجباله وهضابه ووديانه، لا يصح -في نظري- أن يكون بمعزل عن حب قادته الذين جمعوا أطراف هذا الوطن، تحت راية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، حتى صار المواطن -بحمد الله- يسير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بأمن وراحة وطمأنينة، بعد أن كان لا يستطيع أن يخرج من قرية إلى قرية مجاورة إلا بشق الأنفس، مع خوف شديد، وسلاح مصاحب، فحصل هذا الأمن -بفضل الله- ثم بفضل قادة هذا الوطن، الذين بذلوا الغالي والنفيس ليكون آمنا مطمئنا متقدما في كل المجالات الدينية والدنيوية، حتى عُدَّ من دول العشرين المتقدمة في العالم.
لقد كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يسير في الأودية والجبال، ويتعرض للصعوبات، وينام تحت ظل الشجر، يفعل ذلك ليبني لنا نحن أبناء وطنه مستقبلا زاهرا، ولنسكن أحسن البيوت، وندرس في أرقى الجامعات، فنتعلم ونعمل بأمن وطمأنينة.
إن من توفيق الله أن رحمنا الله نحن أبناء هذا الوطن «المملكة العربية السعودية» بالملك عبدالعزيز وأبنائه وأحفاده، لقد وحّد بلادنا بعد الشتات، وجمعنا الله به بعد الفرقة، وبنى لنا كيانا تشرئب إليه الأعناق، ففضله علينا -بعد فضل الله- كبير، وقد أدرك هذه الحقيقة كل منصف في العالم، ومن ذلك ما قاله الفرنسي جان يينيز: «لقد أخرج ابن سعود من الرمال أمة جديدة»، فرحمه الله رحمة واسعة.
وإني أقول عن قناعة تامة: من القصور والتقصير أن يكون الحديث عن الوطن معزولا عن الكلام في قادته وبُنَاته «آل سعود»، ومقتصرا على الحنين إلى المساكن ومراتع الصبا، الذي هو شعور فطري ليس عند الإنسان فحسب، بل حتى عند الحيوانات والطيور، فالإبل تحن إلى معاطنها، وإن كانت بعيدة العهد عنها، والطيور تحن إلى أوكارها وإن كان موضعها مجدبا، بل لا بد من الأمرين: الوطن والقيادة، فمن عادى قادة الوطن، فهو عدو للوطن، إذ كيف يُعادِي من صنعوا هذه الوحدة العظيمة، وصاروا جُنَّةً ووقاية لأبناء الوطن، ونصروا التوحيد، وخدموا الحرمين، وطبعوا المصحف الشريف، وترجموا معانيه إلى لغات العالم، ووزعوه مجانا، وسهروا على حفظ أمن كل من عاش على أرض هذا الوطن؟!
إن من عادى أنصار التوحيد في بلادنا «آل سعود»، فقد عادى التوحيد، أقول ذلك عن عقيدة صادقة لا رياء فيها ولا سمعة، وقد صدق الشيخ ابن باز -رحمه الله- في قوله: «العداء للدولة السعودية عداءٌ للتوحيد».
وقوله: «آل سعود، جزاهم الله خيرا، نصروا هذه الدعوة -دعوة التوحيد- هؤلاء لهم اليد الطولى، في نصر هذا الحق، جزاهم الله خيرا، ساعدوا، ونصروا، فالواجب محبتهم في الله، والدعاء لهم بالتوفيق».
وقد قال الملك عبدالعزيز، رحمه الله، «كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إني والله، وبالله، وتالله، أقدم دمي، ودم أولادي، وكل آل سعود، فداء لهذه الكلمة، ولا أضن به».
ويحسن هنا أن أسوق كلاما سمعته من شيخنا ابن عثيمين، قال رحمه الله: «نحن بحمد الله بخير، بلادنا واسعة الأرجاء، واسعة الأراضي، كثيرة الجبال والأودية، وبطون الرمال، لو قدر الله أن يكون اختلاف، ماذا ستكون الحال؟ والله ما يستطيع الإنسان أن يمشي من عنيزة إلى بريدة، كما هو الواقع فيما سبق، يحكون علينا كبارنا الذين أدركوا زمن الفتن، أن الإنسان ما يستطيع أن يخرج من هذا البلد إلى الوادي الذي بيننا وبين بريدة إلا بالسلاح، بل قال لي أحدهم إنه في سنة من السنوات أصابنا خوف في رمضان، فكنا نخرج إلى صلاة العشاء والتراويح، والبنادق معنا. فلهذا أنا أرى أن كل تصرف يوجب تفرق الناس، والإخلال بالأمن، أرى أنه إساءة عظيمة لهذه البلاد وشعبها».
وبهذا نعرف أن ما يفعله دعاة الضلالة والفتن والفرقة في الخارج، يُعَد إساءة لهذه البلاد وشعبها، وأن دعواهم حب الوطن دعوى كاذبة لا قيمة لها، لأن من يحب الوطن لا بد أن يحب حماته وأنصاره.