أحتفي بك اليوم يا وطني، في يومك المجيد، فكل عام والوطن وقيادته الحكيمة وأهله الكرام، وكل من يعيش على أرضه، بخيرٍ وسلام ومحبة.
أحب وطني حبا متطرفا لا عقلانية فيه. الحقيقة أني أشعر بالغرابة عندما يسألني أحدهم: هل تنوين العودة إلى السعودية
بعد إنهاء الدراسة؟ بالنسبة لي، هذا سؤال غريب جدا، على شاكلة سؤال آخر يسأله البعض لأي طفل يرونه: هل تحب أمك أكثر أم أباك؟! كلا السؤالين غير منطقي بالنسبة لي.
يعرف أبنائي تماما تاريخ اليوم الوطني، يحفظونه كأسمائهم ويحتفون به!
قد يبدو هذا التصريح غريبا وبلا معنى في دولة أخرى، لكنه في حالتنا حقيقي جدا، فنحن إلى عهدٍ قريب لم نكن نتوقف لالتقاط أنفاسنا في هذا اليوم المهم!
لم تجتمع فيه الأسرة مثلا لتسترجع وتسرد بعض تاريخ هذا الوطن وأمجاده وحوادثه الجسام، أو لتردد الأهازيج الوطنية، أو تصنع الأعلام، أو لتشاهد الألعاب النارية في الميادين!
أدركنا -متأخرين- كم أخطأنا في حق تاريخنا وأنفسنا بإهمال الاحتفاء بيوم صنعه لنا الرجال، بتوفيق الله، وصار علامة فارقة في تاريخ الوطن وحياة كل منا!، لكن كل هذا تغير الآن والمستقبل يعدنا بكثير.
أتابع -ككاتبة رأي- ما يحدث في وطني عن قرب وكثب. ومع أني أقيم بعيدا عن ترابه الحبيب إلا أني أزعم أنني أتلمس التغيير عبر الإعلام، وأراه عيانا في كل زيارة سنوية للوطن. للأمانة هناك كثير مما أريد أن أحتفي به احتفاء مستحقا في هذه المناسبة السارة. أريد أن احتفي بالبناء المتكامل لخطة الوطن مثلا، وبالأفكار الجبارة التي تجعل هذا البناء ممكنا! مكتسبات هذا الوطن كثيرة وعظيمة، وأهمها الإنسان. بكل أمانة إنسان هذا الوطن عظيم جدا.
وطني بالنسبة لي لوحة موزاييك جميلة. قطع هذه اللوحة هي التفاصيل المتعددة التي يشارك فيها الجميع، كلٌ فيما أوكل إليه مما يحسنه، ومعا نشكل جهدا جمعيّا مثمرا، به تكتمل اللوحة وتزدان! فلا تستقل دورك! أنت تقوم بشيء رائع، ونحن نراه جيدا، وندرك أهميته! إن عدم قيامك بدورك يجعل اللوحة ناقصة!
الحقيقة، أن لدينا هذا العام كثير جدا مما نحتفل به، واللوحة التي نصنعها كلنا جميلة وزاهية. لم نصل إلى الكمال بعد، لكننا نعمل بكل شفافية وجهد واقتدار لمقاربته.
لعلّ على رأس قائمة ما أسعدني هذا العام، على الصعيد الداخلي، ما استجد من تنظيمات تخص حماية البيئة في الوطن. المحميات الملكية مثلا، ومنع الرعي الجائر، ومنع تقزيم الأشجار، وإقرار الشرطة البيئية وغيرها مما ينبئ بعام سعيد لبيئتنا، ومن يشاركوننا فيها من الكائنات الحية الأخرى. وما زلت أتمنى المزيد، وسيأتي المزيد.
أما على الصعيد الخارجي، فأنا فخورة للغاية برسالة السلام التي يتبناها هذا الوطن. فمنذ عهد المؤسس -رحمه الله- ووصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، لم تكن هذه البلاد إلا مملكة للسلام في محيطها.
دولتنا تدرك أهمية دورها المحلي والإقليمي في حفظ السلام، وله تعمل بكل اقتدار منذ قديم الأزل. ولعل سعي قادة الوطن -أيدهم الله- مؤخرا لإرساء السلام بين إثيوبيا وإريتريا، ونزع فتيل الحرب الذي طال اشتعاله، مؤشرٌ واضحٌ على استمرارية رسالة السلام التي تتبناها بلادنا منذ الأزل.
لذلك ولغيره من النعم، من حقي أن أفتخر بالانتماء إلى هذا الوطن، وأهنئ نفسي أولا بيومه الوطني المجيد.
كل عام وأنت بخير يا درة الأوطان.