في 29 أغسطس نفَّذت القوات الأميركية غارتها الجوية الـ21 المؤكدة في الصومال هذا العام. ولكن البيان الصحفي القصير لقيادة الولايات المتحدة في إفريقيا (أفريكوم) الذي أعلن فيه عن الهجوم على حركة الشباب، وهي حركة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» تسعى إلى إقامة دولة إسلامية متشددة في الصومال، لم يحدد نوع الطائرات المستخدمة في الغارة، ولا المواقع الدقيقة التي استهدفتها، ولا هويات القتلى. وكما هو الحال في التصريحات السابقة، ادعى البيان أنه لم يُقتل أو يُصب مدنيون في تلك الغارة.

وعلى الرغم من أن هجمات أميركا بالطائرات دون طيار قد تمت إحاطتها بسرية تامة في الصومال، إلا أنها ازدادت بشكل ملحوظ في العام الماضي. ووفقا لمحللين أجانب عديدين، ومسؤولين صوماليين، وعدد من المنشقين عن حركة الشباب، فإن هذه الضربات أصبحت واحدة من أكثر الأدوات فاعلية في مواجهة المجموعة، حيث أعاقت قدرة حركة الشباب على التواصل، وزرعت عدم الثقة على نطاق واسع بين أعضائها، وحصرت تنقل قادتها.

ووفقا لقيادة أفريكوم، قتلت الغارة الأخيرة في الصومال، التي وقعت في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، ثلاثة أعضاء من حركة الشباب لم تذكر أسماءهم. وقد تبدو تلك القوة الجوية الأميركية ضرورية لمقاومة حركة تمرّد قوامها 5000، حيث إن القوات المحلية التي نصح بها الأميركيون أثبتت أنها غير قادرة على كسر نمط العمليات البرية.

سوف يتطلب بناء الدولة الناجح في الصومال استثمارات أميركية كبيرة. لكن، كما أخبرني أولئك الذين عملوا مع وزارة الخارجية الأميركية في السنوات الأخيرة، ليس هناك ما يكفي من الموظفين أو مساحة كافية لإيوائهم في الصومال. وهم غير قادرين بشكل فاعل على تجاوز المنطقة الخضراء في مقديشو إلى المدينة نفسها والبلد بأسره بسبب المخاوف الأمنية. بينما يتم تزويد نظرائهم العسكريين بمزيد من الموارد اللازمة ووسائل التنقل. كما أخبرني أيضا مسؤول سابق في وزارة الخارجية يعمل في بعثة الولايات المتحدة في الصومال، بأنه «لم يكن لدينا فريق عمل حتى نتمكن من تقديم الدعم الدبلوماسي والضغط على الجانب السياسي لجعل النشاط الحركي فاعلا في تحقيق أهدافه».

ونتيجة لذلك، أصبح المسؤولون العسكريون الأميركيون، الذين يتناوب كثير منهم داخل الصومال وخارجها كل أربعة أو ستة أشهر، الوجه الفعلي لدبلوماسية الولايات المتحدة في البلاد. كما ظلت البلاد دون سفير لمدة عام تقريبا، بعد أن ترك السفير السابق ستيفن شوارتز منصبه فجأة في أكتوبر 2017. وفي يوليو الماضي، عيَّن الرئيس ترمب الدبلوماسي المخضرم دونالد ياماموتو، سفيرا لدى الصومال، مما يشير إلى اهتمام متجدد بأهمية القيادة الدبلوماسية داخل بعثة الولايات المتحدة.

وصفت نائبة مدير مركز إفريقيا التابع لمجلس الأطلسي، برونوين بروتون، جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب وبناء الدولة في الصومال بأنها «منطقة رعاة للبقر». وأضافت: لا يوجد في الجانب الأميركي مسؤول كبير يعرف كيف يستثمر رأس المال السياسي في القيام بذلك بشكل صحيح. وبدلا عن ذلك فإن أولئك الذين يحددون السياسة على أرض الواقع «يريدون الدخول وتجربة أشياء جديدة لإيجاد حلول للمشكلات القائمة، لكي لا ينتهي الأمر بتفاقمها».

 


كريستينا غولدباوم*

* صحفية مستقلة تقيم في مقديشو - مجلة (تـايـم) – الأميركية