نعم، وبكل فخر نقولها، رفيق الحريري لبناني ذو علاقات متينة مع المملكة العربية السعودية، جاء إلى لبنان بعد الحرب الأهلية، ولم يكن يوما من الأيام جزءا منها، ولم يحمل السلاح، ولم يموّل الميليشيات، بل كان سلاحه القلم، ومشروعه التعليم والإنماء والإعمار والازدهار للبنان، كل لبنان من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، مرورا ببقاعه وجبله، دون تمييز بين طائفة وأخرى، ولا بين دين وآخر، بل على العكس، كان رفيق الحريري من أكثر الشخصيات السياسية التي قدمت للطوائف الأخرى أكثر مما قدم لطائفته أحيانا، وذلك من باب الحرص على استيعاب الجميع، ودعم أبناء الجنوب الخارجين من الحروب والاحتلال على كل الأصعدة.
لا يمكن لأحد أن ينسى كيف لعب رفيق الحريري دورا مهما في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، وإعمار لبنان بعدها، وقام بكثير من الأعمال الخيرية، وكان أشهرها تقديم منح طلابية للدراسات الجامعية لأكثر من 36 ألف شاب وشابة من كل الطوائف اللبنانية، على مدى 20 عاما، إضافة إلى تقديم المساعدات لضحايا العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومساعدة دور الأيتام والعجزة، وإنقاذ جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية من الديون التي أغرقتها خلال سنوات الحرب والسلم.
في الأيام القليلة الماضية، خرجت أصوات مزعجة مصادرها مقربة من حزب الله، تنادي بتغيير اسم مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، إلى أسماء أخرى، منها الخميني وخامنئي وحسن نصرالله، تناسى فيها من أطلق هذه الدعوات أنه لولا الله سبحانه، ثم رفيق الحريري، لما استطاع لبنان أن يمتلك مطارا بعد الحرب الأهلية، مؤهلا لاستقبال مئات الآلاف من المسافرين، وأنه لولا المشروع والحلم اللذان راودا الحريري نفسه لما تمت إعادة إعمار وسط بيروت، وباقي المناطق اللبنانية التي دمرتها الحرب.
إلى هؤلاء المحرضين على رفيق الحريري أقول، لا تنسوا أن من رمّم الطرقات بين بيروت والجنوب هو رفيق الحريري، وأن من أدخلكم الجامعات والمدارس في لبنان في عز فقركم وحاجتكم هو رفيق الحريري، وأن من شرع مقاومتكم الإرهابية هو نفسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان من المؤمنين بالمقاومة حتى التحرير، وبالعمل المقاوم لاستعادة الأرض المغتصبة، دون أن يعلم ربما أنكم ستنقلبون علينا في المستقبل، لتقتلوه خدمة لمصالح النظام السوري، وتقتلون لبنان من بعده، وعلاقات لبنان بالعرب والمجتمع الدولي.
إلى المحرضين والكارهين رفيق الحريري أقول باختصار، سيبقى اسم رفيق الحريري يزيّن مطار بيروت وكل مرفق ومؤسسات بيروت وكل لبنان، ومهما فعلتم فلن تستطيعوا أن تغيّروا في الأمر شيئا، لأننا أصحاب هذه الأرض، وأنتم نازحون إليها، فلا يحق لمن نزح إلى عاصمتنا هاربا من الإسرائيلي أن يملي علينا ما نفعله، وما لا نفعله، وسيستمر مشروع رفيق الحريري يضيء درب الثوار في لبنان، من كل الأحزاب الساعية إلى الحرية والسيادة والاستقلال، وسيكون لثورة الأرز ولادة من جديد، تضع النقاط على الحروف، وتعيدكم أنتم إلى حجمكم الطبيعي، ويعود لبنان إلى مكانه الطبيعي، حليفا للسعودية والعرب، وأرضا طيبة تحب الجميع ولا تؤذي أحدا لخدمة النظام السوري والإيراني.
في النهاية، نكرر ما بدأنا به، نعم إنه رفيق الحريري أيها الأغبياء، إنه رفيق كل العرب واللبنانيين، وهو الشعلة التي تضيء طريقنا نحو مستقبل مشرق ومشرّف للبنان والمنطقة، بعيداً عن الطائفية والمذهبية والتبعية لأعداء الأمتين العربية والإسلامية، إنه الشهيد الذي استطاع باستشهاده أن يقهر النظام السوري، ويقهقر جيشه الإرهابي من لبنان محملا بالخيبة والخذلان إلى سورية، إنه رفيق الحريري الذي جال في كل دول العالم ليحصل على الدعم للبنان واللبنانيين دون تمييز، إنه رجل السياسة والحكمة والعروبة والإخلاص، في زمن أصبح فيه من الصعب أن يأتي على لبنان رجالٌ أوفياء كرفيق الحريري.