لو قُدمت أعمالٌ أمام لجنة التحكيم التي ترصد الأعمال، وترشح فائزا أو منتجا أو متميزا، فإنها في غالب الأحوال تجد تميزا لشخص دون آخر، هذا في الأعمال الكتابية والتأليف والرسوم والإبداع، لكن ليس أن توضع أيام ومعلومات لتقديم الخدمة، ثم يأتي مؤتمر صحفي في نهاية العمل ليُعلن خلاله من هو المتميز.

هذا ما حدث في نهاية أعمال موسم الحج لهذا العام، فالكُّل تميَّز وأبدع وتابع عمله ونجح، وجاءت شهادات دولية وإقليمية وعربية تقول بالخط الواضح مبروك للسعودية نجاحها في إدارة موسم الحج، تخطيطا وإبداعا ونجاحا، لا يماثله نجاح على مستوى أي حدث، وإن لم يكن ثمة حدث على الإطلاق تماما في عالم اليوم، لأنّ الحج له مكان وزمان واحد لا يتعدد، ربنا فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون، فهذا الدعاء تحقق في بقعة واحدة، ومكان واحد، وزمان محدد قادته السعودية -بحمد الله- حتى جاء نجاحه مبهرا للعالم كله، ورحم الله الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي وفقه الله في تأمين سُبل الحج والوصول إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بكل أمن واطمئنان، وعلى هذا سار أبناؤه حتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يكرر عبر مجالسه المتعددة وأمام وسائل الإعلام، أن الله شرّف هذه البلاد بخدمة الحرمين في مكة والمدينة وقاصديهما، ونحن في المملكة يفخر الملك بأنه يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين، لهذا سُخّرت الإمكانات وذُلّلتْ الصعاب أمام من أراد الوصول لأداء هذه الفريضة، حتى وصلنا إلى مرحلة فتح التأشيرات من بلد المنشأ بما يُعرف طريق مكة.

أعود إلى عنوان المقال: لمَنْ بعد هذا نمنح شهادة التفَّوق؟ دعوني أستعير عبارة قالها صباح الخزاعي، موفد إحدى وسائل الإعلام في لندن، خلال المؤتمر الصحفي للأمير خالد الفيصل، فقد اختصر الإجابة على عنواننا، فقال: يا صاحب السمو لماذا نجح الحج؟ لماذا تميَّز الحج في حين أنه في أعتى الملاعب تغُلق الطُرق؟

نجح يا سمو الأمير، لأن خادم الحرمين الشريفين هنا في مكة، ولأن سمو ولي العهد هنا، ولأنكم أنتم يا سمو الأمير معنا، وعلى رأس الحجاج، تقفون بأنفسكم مع الكل هنا نجحتم وتفوقتم، وأنا أضيف لكم: نجح الحجج لحسن النوايا والإخلاص في العمل، وتنفيذ توجيهات الملك، وسمو ولي عهده، فأصبحت وزارات الدولة تتسابق لتحقيق النجاح، وحصول الأجر والمثوبة.

نعم، تفوق رجال الأمن والكشافة، ووزارة الحج والعمرة، ورئاسة الحرمين والحرس الوطني والقوات المسلحة، ورجال الطب على مختلف تخصصاتهم، وهيئة الهلال الأحمر ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وعموم المتطوعين.

لقد قال أمير الحج، 250 ألفا بين قيادي وعسكري نجحوا هنا في المشاعر المقدسة، وأنا أؤكد أن كل مواطن سعودي قدم خدمة لضيوف الرحمن، قدم خدمة وأخلص لدينه ووطنه ومليكه، تُسجّل له شهادة تفوق، فكيف بشعب نذر نفسه وقيادته لخدمة ضيوف الرحمن، ألا يستحقون الشهادة؟!

نعم، نجح الحج، وبشهادة كل إعلامي حضر من العالم كله، وشاهد العالم تميُّزا مختلفا عن كل عام: انسيابيةٌ في الحركة، نجاحٌ في الخطط الأمنية، خدماتٌ ترافق الضيوف من منافذ المملكة، وحتى عودتهم، فنحمد الله على ذلك المنّ والعطاء من الله عز وجل، ثم تكاتف كل قطاع مع مسؤوليه.

واللافت أيضا، أنه بعد عودة الحجاج اطلع العالم على صور نادرة نقلها الحجاج إلى بلادهم، فكانت شهادة حضور في كل قُطر إسلامي على نجاح الموسم، وكان التواصل الاجتماعي في مقدمة من نقل الصور إلى العالم، والذي أصبح وسيلة سريعة لنقل الواقع، إلا أن شهادة تميز تُمنح لمكتب التواصل الحكومي في وزارة الإعلام، والصحافة السعودية دون استثناء كانت متفوقة في حضورها الإعلامي، ونقلها صورا معبرة عن نجاح هذا الموسم، ولله الحمد، فالشهادة تمنح للجميع ودون استثناء.