نعم، باتت البنات المراهقات في تقارب أكثر من الأولاد إحصائيا، وذلك بالنظر إلى معدلات الالتحاق بالجامعات، إذ تفوقت نسبة السعوديات على السعوديين، وبالنظر إلى نتائج الاختبارات التي تحصد فيها البنات مستوى ودرجات أعلى، وكذلك بالنظر إلى الاهتمام بالوظائف العلمية والتطلع إلى الأفضل على كل الأصعدة.
ولكن هناك عدة موضوعات متعلقة بالفتيات المراهقات ما زالت بحاجة إلى التحسين في عدة دول، أو بالأحرى في معظم دول العالم.
وفقا لتقرير نشرته جمعية الأطفال الخيرية بلندن في 29 أغسطس، فإن نسبة غير هينة من الفتيات المراهقات يرين أنفسهن غير سعيدات على نحو متزايد في السنوات الأخيرة.
يذكر أن مجموعة كبيرة من المراهقات خضن اختبارا نتيجته تتكون من 10 نقاط تشير إلى مستوى السعادة الذاتية لدى من يخوضه، وقد لوحظ انخفاض متوسط مستوى السعادة الذاتية للفتيات اللواتي تراوح أعمارهن بين 11 و15 من 8.2% عام 2010 إلى 7.8% عام 2016. وبقي الأولاد المراهقون سعداء محتفظين بمستواهم نفسه 8.2% خلال الحقبة الزمنية نفسها.
من وجهة نظر اختصاصية إعلامية واتصالية، فإن لهذا الانخفاض الملحوظ سبب متعلق بالمظهر ومعايير الجمال، والتي تم تعزيزها بشكل مفرط مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي المتطورة، في وقت قريب من وقت هذا الاختبار أو هذه التجربة. تقلق الفتيات المراهقات أكثر بكثير من السابق على مظهرهن، ومن هنا تظهر الفجوة الكبيرة بين الأولاد والبنات في مستوى السعادة، والتي تعد الأوسع من نوعها خلال 20 سنة.
إن ما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، من صور ومقاطع «توتريال ماكياج»، واستعراض متعلق بتشيؤ المرأة يزيد من الصور النمطية للأنثى.
فالبنات المراهقات عندما يتداولن صورا لمشهورة تستهدفهن بمحتواها، فإن الصور أو مقاطع الفيديو لجسم أو وجه هذه المشهورة غالبا لا تتطابق مع مظهرهن، ولا يوجد وجه للشبه معها، بينما عندما يتداول الأولاد صور مشهور يستهدفهم بمحتواه، فالسائد أنه لم يتعرض لعمليات تجميل ونحت جسم ونفخ وغيرها، فالأولاد يجدون وجوها للتشابه كثيرة معه، ويجعلهم الأمر سعداء في استهلاك المحتوى الإعلامي أو يستهلكونه بطريقة طبيعية، دون أن يترك في نفوسهم أثرا سلبيا.
الفجوة بين المراهقين من الذكور والمراهقات من الإناث، فيما يتعلق بالسعادة تحديدا، لوحظت ورصدت بشكل علمي في معظم البلاد الأوروبية.
هناك، ولا أعتقد الأمر يختلف هنا، يكون الفتيان المراهقون أكثر مرحا من الفتيات. وهذا قد لا يثيرك أو يخيفك أو يهمك كفرد من المجتمع، إلا أن لمستوى السعادة بين المراهقين تأثيرات كبرى، مثل إيذاء النفس، أو الإصابة بأمراض نفسية معقدة.
واحدة من كل 5 بنات بريطانيات في الـ14 من عمرها، حاولت إيذاء نفسها العام الماضي، بينما في المقابل واحد من كل 10 أولاد بريطانيين يرتكب الخطأ ذاته.
يذكر أن سبب إيذاء النفس أو الأمراض النفسية لدى المراهقين، هو عدم السعادة، وفقدان الفرح والمرح والرضا في الحياة.
باختصار، هناك توصية واحدة تستحق الاهتمام: هل نعرف مستوى سعادة المراهقين والمراهقات السعوديين؟ من هم الأكثر سعادة بالنسبة للجندر؟ وبالنسبة لعوامل أخرى كالعرق والمنطقة والانتماء الاجتماعي.
عندما نحصل على أرقام في أيدينا كالتي حصل عليها الأوروبيون، ربما يمكننا حينها محاججة كل صانع محتوى إعلامي يستهدف المراهقات والمراهقين، دون وعي منه بضرره عليهم، وبالتالي معالجة هذا الجانب من المشكلة.
ونستطيع أيضا بالأرقام نفسها مقاضاة كل من يعكر صفو سعادة المراهقين والمراهقات بحجج أخرى، قد تكون غير مرتبطة بالإعلام إطلاقا.
كلٌّ يحل المشكلة من جانب تخصصه ومهنته، فالقانوني يستخدم الأرقام في مجاله، والاقتصادي يستخدمها في مجاله، والفقهي يستخدمها في مجاله، ومتأكدة أن شراكة شمولية من هذا النوع ستقضي على إشكال كهذا من جذوره.