عندما نتحدث عن التحديات والمخاطر الصحية التي تهدد المجتمع السعودي فهي كثيرة، ومن المتوقع أن تزداد هذه المخاطر في حال استمرار النمط المعيشي دون تغيير. فعلى سبيل المثال يوجد حاليا أكثر من خمسة ملايين حالة مرضية مزمنة بالضغط والسكري والقلب، ومن المتوقع زيادة هذا الرقم إلى ثمانية ملايين، في حالة استمرار نفس العادات الغذائية والتقاليد الاجتماعية. وتوضح التقارير أن 75% من المجتمع لا يجرون فحوصات منتظمة للتأكد من سلامة صحتهم والاكتشاف المبكر للأمراض. كذلك توضح الإحصاءات أن ما نسبته 50 إلى 60% من المجتمع السعودي يعانون أعراض السمنة والسمنة المفرطة، ونصف العدد من النسبة المذكورة يعانون مضاعفات خطيرة بسبب السمنة. كذلك فإن 60% من المجتمع يعاني نقص النشاط البدني وأساليب الرياضة الصحية. ورغم عدم دقة الإحصائية (نتوقع أن يكون الرقم أكبر بكثير)، فهناك 18% من المجتمع السعودي من المدخنين، ولا توجد إحصاءات واضحة لمجتمعنا تربط ظاهرة التدخين بنسبة الإصابة بالسرطان وأمراض الجهاز التنفسي.

 وبالعودة للأمراض المزمنة نجد أن 46% من هؤلاء المرضى يعانون من الوفاة المبكرة بسبب عدم الانتظام على العلاج وعدم المتابعة لحالتهم الصحية بشكل مستمر، وكذلك ضعف الحركة والرياضة، والاستسلام للعادات الغذائية السيئة والتدخين. وأوضحت بعض الدراسات أن حالات البتر بسبب مضاعفات مرض السكري قد تصل إلى ما يقارب أربعة آلاف حالة.

 كذلك أوضحت الدراسات أن الذين يموتون سنويا بسبب حوادث الطرق يصلون إلى 8 آلاف حالة وفاة، وبمعدل يقارب 20 حالة وفاة يوميا. وتصل التكاليف الصحية التي تدفعها الدولة سنويا إلى ما يقارب 80 مليار ريال، وفي حالة استمرار المخاطر الصحية وعدم تغير العادات الغذائية والمعيشة الصحية فمن المتوقع زيادة التكاليف الصحية لتصل إلى 170 مليار ريال سنويا، بحلول العام 2030 م. ومن أجل الإحصائيات المذكورة ركز برنامج التحول الصحي (أحد برامج التحول الوطني) على الجانب الوقائي بشكل كبير، بعد أن كان يعتمد على الجانب العلاجي للأمراض بعد حدوثها.

 وكان برنامج الصحة المدرسية من أهم البرامج التي تم إحالتها لوزارة الصحة، لاسيما وهذا البرنامج يعد الركيزة الأولى في توعية المجتمع بأخطار الأمراض المزمنة وطرق الحياة الصحية السليمة، ومعرفة العادات الغذائية السيئة، والتعود على نظام غذائي سليم، من خلال رقابة صارمة على المقاصف المدرسية، كذلك التوعية بمخاطر التدخين والمخدرات والأمراض الوراثية والمزمنة. ويهتم برنامج الصحة المدرسية بجانب النشاط والحركة وللجنسين، فكان الاهتمام ببرنامج الرياضة المدرسية. كذلك كانت حملات التوعية لاستهداف طلاب المدارس بالسلامة المرورية ومخاطر حوادث الطرق. ولم يقتصر الجانب الوقائي على المدرسة فقد تجاوزه إلى الأحياء والمحافظات من خلال الجهات ذات الشراكة كالبلديات، فكانت الملاعب الرياضية بالأحياء وأماكن مخصصة للمشي لكلا الجنسين، وفرض رسوم على التبغ ومشتقاته، وكذلك رفع الرسوم على المطاعم التي تقدم أطعمة عالية السعرات، وتشكل خطرا على صحة المجتمع. وأخيرا لا زالت مقولة درهم وقاية خير من قنطار علاج هي الوصفة المثالية لمجتمع صحي ومعافى.