كتب غازي القصيبي -رحمه الله- في كتابه «حياة في الإدارة» قصته مع توحيد الشركات المقدمة لخدمة الكهرباء في مختلف مناطق المملكة، تحت كيان واحد، وكيف واجه تحديات دمجها في شركة واحدة، واجتماعاته مع المستثمرين المعارضين لسياسة الدمج، حمايةً لأرباحهم الشخصية، وكيف تعامل مع الرؤساء التنفيذيين لتلك الشركات المتفرقة، الذين حاربوا لعدم الاندماج والمحافظة على مناصبهم كرؤساء تنفيذين لشركات كهرباء كبرى، تدر عليهم كثيرا من الأرباح والمميزات الوظيفية، ولكن غازي القصيبي، بسياسته وحزمه والصلاحيات التي منحت له كوزير، استطاع تجاوز كل تلك العقبات ليؤسس أحد أكبر شركات الكهرباء في العالم، تحتكر أكبر سوق للطاقة في الشرق الأوسط، فمنذ تأسيس الشركة عام 1999 وهي في نمو يعدّ من أعلى معدلات النمو في العالم، نظرا للتوسع الكبير في البنية التحتية والمنازل والمصانع والشركات، وغيرها من المنشآت التي تعدّ خدمة الكهرباء الخدمة الأساسية لتشغيلها، إذ بلغ إجمالي قدرات التوليد المتاحة عام 2015، «69154» ميجاواط، بينما كانت بعد تأسيسها عام 2000، «25790» ميجاواط فقط، وارتفع الحمل الذروي من 21673 ميجاواط عام 2000، ليصبح 62260 ميجاواط عام 2015، وتضاعف عدد المشتركين من 2.366.878 مشتركا عام 1990، ليصبح 8.607.000 مشترك عام 2016.

كل هذا النمو الكبير قادته شركة الكهرباء السعودية بمسؤولية وجدارة، وعالجت أهم المشكلات وهي سرعة التزامن مع هذا النمو، فبناء محطات التوليد لا يأتي بين ليلة وضحاها، فهناك كثير من المليارات وآلاف العمال الذين يتناوبون طوال الأيام لبناء محطات التوليد الضخمة، وتشغيلها وصيانتها وحمايتها، لتصل إلينا الطاقة بهذه الكفاءة العالية التي أعتقد أنه لم يكن سيُصبِح كذلك لولا رؤية القيادة بأن يتم تأسيسها بمساهمة من أرامكو السعودية، التي تملك أكثر من 74% من أسهم الشركة، والتي تتنازل عن أهم قياداتها لتيسير أعمال الشركة، ولكن بما أنه نجحت رؤية القيادات السابقة في توحيد شركات الكهرباء القديمة تحت كيان، بهدف ضمان جودة بناء البنية التحتية لطاقة الكهرباء، وأصبحت لدينا محطات توليد ضخمة وتمديدات وشبكات كبيرة، وكوادر هندسية وفنية وإدارية مميزة، يزيد عددهم على 37 ألف موظف، فأعتقد أنه حان الوقت المناسب لكسر الاحتكار، وخلق المنافسة داخل سوق الكهرباء السعودي، وتجربتنا الناجحة في قطاع الاتصالات محفز كبير لتكرارها في قطاع الكهرباء.

المستهلك داخل السوق السعودي أصبح كثير الانتقاد لخدمات الكهرباء، خصوصا بعد ارتفاع سعر التعرفة الكهربائية، ولذلك من الأفضل أن نجعل للمستهلك خيارات أخرى، إذا لم تناسبه خدمات الشركة الأولى، يستطيع أن ينقل اشتراكه إلى شركة أخرى تقدم له خدمات أفضل، وتناسب تطلعاته.