إلى دوحة «شريفة» وإلى قناة الدجل الشهيرة في قلبها أتى حجاج الكذب والتزوير ومعتمرو النفاق وتصعيد الكراهية من كل فج ليتحدثوا عن رحلة الحج. وصلت الجرأة بأحد حناجر الاستئجار الرخيصة لأن يقول وبالحرف: إن شعيرة الحج في أمانها وسهولتها ويسرها قد انتهت بنهاية الخلافة العثمانية، حيث لا هم للحكومة السعودية سوى هدم الآثار العثمانية في الحرم المكي الشريف، وفرض الجباية والإتاوة على الحجيج لتصبح شعيرة الحج دخلاً يفوق مداخيل النفط للاقتصاد السعودي. الكارثة أن المذيع المحاور هو نفسه من كان يغطي مناسك الحج لذات القناة، ويعرف جيداً أن ما يفعله اليوم مع ضيوفه مجرد حفلة مزايدة سياسية فاشلة وكاذبة. العثمانيون الذين بنوا في إسطنبول أروع هندسة المساجد في التاريخ هم أنفسهم السلاطين الذين تركوا المسجد الحرام لأكثر من خمسمائة عام مجرد عشش وخيام أحاطوها بتلك القباب المهترئة حول صحن الطواف الرملي. وللتاريخ لم يذهب سلطان عثماني واحد على الإطلاق إلى رحلة الحج، بينما لم يترك ملك سعودي واحد عشر رمضان وعشر ذي الحجة دون أن يكون في قلب المشاعر خادما أولاً لكل ضيف.
وبكل الامتنان والشكر ولكن بلا منة أقول لأبواق دوحة «شريفة»: السعودية وملوك السعودية هم من أوصل المسجد الحرام اليوم إلى خمسة وعشرين ضعف مساحة ما استلمناه من بني عثمان يوم فتح مكة على يد إمامنا المؤسس. السعودية وملوكها المؤمنون البررة هم من جعل مبنى الجمرات أكبر بناء أسمنتي واحد متصل على كل وجه هذه الأرض بطاقة استيعاب ربع مليون حاج في الساعة الواحدة. السعودية وملوكها هم الوحيدون على وجه الأرض الذين استطاعوا تنظيم ما يقرب من 18 مليون رحلة تفويج لمليوني حاج لأربعة أيام بين المشاعر المحددة في الأصل، بينما تستعد دول عظمى لثمان سنوات من أجل استضافة الأولمبياد بربع مليون مشجع. السعودية هي من تصرف بالمجان عشرين مليون عبوة ماء مبردة بالمجان لضيوف الرحمن في اليوم الواحد. السعودية وملوكها هم من جعل المشاعر المقدسة مستشفى خمسة نجوم حتى وصلت مستويات الخدمة إلى حد إجراء عمليات القسطرة بالآلاف وفي نفس المكان. دعني أقول لكم أيها الأبواق الناعقة إن السعودية هي البلد الوحيد الذي يجري عمليات تبريد الدم لآلاف الحجاج بأجهزة هي الأغلى من بين الأجهزة الطبية وبآلاف العمليات في نفس المشعر في اليوم الواحد. يحج السعوديون بما يقرب ربع مليون في العام ولكنهم يحجون أيضاً بما يزيد عن 400 ألف موظف وعامل لخدمة الحجيج في شتى الخدمات المختلفة. أما أنتم يا أبواق «شريفة» فقد ثبت أنكم أكثر حرصاً على وصول فرقكم الرياضية المجنسة إلى جدة أكثر من حرصكم على وصول حجاجكم إلى بيت الله الحرام.